Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

dimanche 4 novembre 2012

الأزمة في شمال مالي ...الحقائق الخفية



بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق

اهتمام إعلامي كبير تعرفه كل القنوات التلفزيونية العالمية و على صفحات الجرائد و مواقع الانترنت عن الأزمة في شمال مالي و تركيز كبير على الدور الجزائري و عن المفاوضات الدبلوماسية و الزيارات المتتالية السرية و العلنية , الكل يحلل و يخمن على حسب توجهاته الإيديولوجية أو توجهات القناة أو الصحيفة التي تدفع له أجره , كما أن أغلب التحليلات تفتقر للحياد و العقلانية , فالتحليل الذي نجده على القنوات الخليجية يختلف عمّا نراه في القنوات الغربية و الفرنسية خصوصا , وحتى التحليلات على قناتي العربية و الجزيرة , نجدها متناقضة تناقض مشاريع سلاطينهم للمنطقة , فالنظرة القطرية تختلف عن النظرة السعودية و عن النظرة الفرنسية , أما الجزائريون فكعادتهم يكتفون بالسكوت و يفضلون العمل في الكواليس و بهدوء ...

لكن ما سر هذا الاهتمام الدولي الكبير بقضية مالي و بالموقف الجزائري خاصة من الأزمة ؟ هل للجزائر حقا كل هذا الدور المحوري و كل هذا النفوذ في المنطقة ؟  و هل هي محاولة لتحييد الجزائر أو إغراقها ؟

قبل أن نمضي في تحليلنا , علينا أن نعود إلى الوراء قليلا و بداية ما يسمى "الثورة" في ليبيا و معارضة الجزائر للتدخل الأجنبي و التي كلفتها حملة إعلامية شرسة من بعض هواة السياسة و محللي الفضائيات المأجورون و معارضي الصالونات في لندن و اتهامهم لها بدعم القذافي بالسلاح و المرتزقة  و خوفها من انتقال عدوى ما يسمونه "بالربيع" إليها ...

نتذكر كلنا اليوم تحذيرات الدبلوماسيين الجزائريين من تبعات فوضى السلاح في المنطقة نتيجة لحرب ليبيا و ضرورة العمل على الحد منه و عن خطر انتقال هذا الكم الهائل من السلاح إلى أيدي الجماعات الإرهابية التي أصبحت الآمر الناهي في ليبيا و تحت تغطية طائرات الناتو ! ...أثبتت الأحداث اليوم صدق التخوفات الجزائرية و كذب قصة المرتزقة

ليست تلك التحليلات السطحية  و المثيرة للسخرية في الكثير من الأحيان على بعض الفضائيات هي من ستشرح و تشرّح ما يحدث الآن في شمال مالي , الأمور معقدة و متداخلة لدرجة مرهقة للعقل , لا يمكن لمن لا يتحكم في أصول و تاريخ صراعات النفوذ و الهيمنة للّاعبين الرئيسيين في المنطقة  أن يفهم , صراعات يمكن اختصارها في معادلة رياضية متعددة "المجاهيل" , لا يمكن فهمها و فكها إلا بمعرفة كل "مجاهيليها" ...

أول خطوة هي أننا سنحاول الابتعاد عن اللغة الدبلوماسية , و سنسمي الأشياء بمسمياتها , فما يحدث على أرض الواقع بعيد جدا عن تلك التصريحات الهادئة و المجاملات بين السياسيين التي نسمعها على الفضائيات , الحقيقة أن حربا استخباراتية و صراعات نفوذ تحدث الآن في منطقة الساحل , حرب شرسة و قذرة و كل الضربات فيها مسموح بها  , ضربات من تحت الحزام أحيانا و في الظهر أحيانا كثيرة ...فلا تصدقوا ما تسمعون !

أول شيء يجب معرفته أن هناك مخططا من القاعدة ( و حلفائها المعروفين ) لخلق نوع من الطوق في دول الساحل يبدأ من الصومال بما يسمى حركة الشباب وصولا إلى نيجيريا عبر جماعة "بوكو حرام" و مرورا بمالي التي أصبحت مرتعا لعصابات القاعدة منذ سنوات , باستثناء النيجر التي يجب أن تبقى بعيدة عن "الطوق" و ذلك لسبب بسيط  ...اليورانيوم الذي تحتاجه فرنسا و شركاتها يأتي من هناك ! , المخطط يسير على أحسن ما يرام لحد الآن و الهدف المستقبلي هو خلق نوع من "التواصل" بين كل هاته الجماعات و توحيدها و خلق قيادة مشتركة لها لخدمة أسيادها باسم الإسلام الوهابي كعادتها في كل منابع النفط و الغاز و اليورانيوم ...

و لكن هناك لاعب آخر متمرس في شؤون الجماعات الإرهابية و يعرف جيدا التعامل معها و يملك من المعلومات الاستخبارية عنها ما لا يملكه أي لاعب آخر و لديه من الإمكانيات و النفوذ ما يجعله يستطيع أن يقف عائقا أمام كل مخطط لا يأخذ مصالحه في عين الاعتبار و لديه أيضا حلفاءه حتى في مجلس الأمن إن استلزم الأمر...إنها الجزائر , و هذا ما يفسر هذا التركيز الإعلامي و الدبلوماسي الكبير على الجزائر , هم في الحقيقة يحاولون تحييد النفوذ الجزائري في المنطقة  و ليس تدخلها ...على عكس ما يعلنون

علينا أيضا أن نعرف طبيعة القوى النافذة في المنطقة , فهناك فرنسا و حليفها النظام المغربي من جهة , و الجزائر التي تستعمل بعض التحالفات الظرفية في كل مرة من جهة أخرى , مع ظهور الولايات المتحدة و محاولتها مزاحمة فرنسا صاحبة "الحق" التاريخي و وضع موطئ قدم لها في المنطقة عبر الجزائر التي ترى في ذلك فرصة لإضعاف النفوذ الفرنسي , لا ننسى أيضا قطر و السعودية التي يقتصر دورهما على تمويل الجماعات الوهابية و إصدار الفتاوى كلما طُلب منهما ذلك .

لنفهم أكثر , علينا أن نعرف نوعية و طبيعة و انتماءات و ولاءات الجماعات المسلحة المتواجدة الآن في مالي و التي سنذكر أبرزها و هي  
1-   جبهة تحرير الأزواد : و هي حركة وطنية ذات جذور تاريخية تعود إلى الستينات من القرن الماضي , تهدف إلى استقلال منطقة الأزواد موطن الطوارق عن مالي, علمانية التوجه و لا علاقة لها بالفكر الإرهابي و علاقاتها جيدة مع الجزائر تعاون يصل لدرجة التحالف في كثير من الأمور.
2-   حركة أنصار الدين : و هي جماعة إسلامية التوجه من الطوارق , معروف عنها قربها من النظام الجزائري و يرى فيها الكثير أنها صنيعة للمخابرات الجزائرية أو على الأقل فهي مخترقة من الجزائريين , فكل مواقفها تكاد تكون متطابقة مع مواقف النظام الجزائري و خاصة في الفترة الأخيرة
3-   حركة التوحيد و الجهاد لغرب إفريقيا (MUJAO: حركة وهابية أعلنت انتماءها للقاعدة صراحة , ظهرت فجأة و معروف عنها أنها صنيعة النظام المغربي و حليفته فرنسا و الدليل على ذلك أن أول عملية نفذتها كانت عملية اختطاف لموظفين من الصليب الأحمر الدولي في ...مخيمات الصحراء الغربية ! هذه الحركة هدفها الوحيد هو خلق نوع من التوازن أمام النفوذ الجزائري المتزايد عبر حليفيه في المنطقة حركة الأزواد و أنصار الدين  و نقطة قوة حركة التوحيد و الجهاد هي الأموال التي تتدفق عليها من الأنظمة الخليجية  و فتحها و تأمينها لطرق تهريب الحشيش و المخدرات المغربية  .
4-   القاعدة في المغرب الإسلامي و هي أقدم الجماعات المنتمية للقاعدة و هي في الأصل جماعة "جزائرية" و مخترقة من الجزائريين أيضا و يمكنها تحريك بعض خيوطها فيها إذا لزم الأمر .
نظرة بسيطة على مختلف الجماعات التي ذكرناها تجعلنا نلاحظ "تفوقا" جزائريا ملموسا في المنطقة و أن لا شيء يمكن فعله دون العودة إلى الجزائر , و السبب يعود أولا إلى الخبرة الميدانية في مكافحة الإرهاب التي اكتسبها الجيش الجزائري في محاربة الإرهاب  عسكريا و استخباراتيا و كمية المعلومات الهائلة التي يمتلكونها عن أدق تفاصيل هذه الجماعات, بالإضافة إلى معرفة الدبلوماسيين الجزائريين التامة لمشكلة طوارق الأزواد و تعاملهم معها منذ عقود .

ما يفعله النظام الجزائري حاليا هو أنه يريد أن يتم تحييد حليفيه في المنطقة حفاظا على مصالحه و أمنه و أن يتم التدخل عسكريا فقط ضد حركة التوحيد و الجهاد التي يرى فيها صناعة مغربية , و هذا ما تحاول فرنسا تفاديه بالتنسيق مع المغرب لأن ذلك يعني إضعافا للنفوذ الفرنسي و نهاية لطرق تهريب المخدرات المغربية عبر الساحل و زعزعة استقرار الجزائر و تشتيت انتباهها عن قضية الصحراء الغربية

النظام الجزائري بادر أيضا و في رسالة "اقتصادية" واضحة بالضغط على جاره المغربي عبر الرقابة الشديدة و غير المسبوقة في تاريخ البلاد على الحدود بين البلدين و كميات المخدرات الأسطورية التي تمت مصادرتها منذ بداية...أزمة مالي , لتضييق الخناق على مصدر مهم في اقتصاد المغرب ما جعل العاهل المغربي يقضي على غير عادته أكثر من أسبوع خارج البلد في زيارة لبلدان الخليج لطلب مساعدات اقتصادية و "أمنية" , فبعد التضييق الأوروبي ثم التضييق الجزائري على "الصادرات" المغربية لم يبقى أمامه من طرق لتصدير "البضاعة" الا طريق ...الساحل ! و أحسن سيناريو هو أن تعم الفوضى منطقة الساحل عبر ذلك التداخل و التكامل المعروف بين الارهاب و المخدرات و تهريب السلاح ...

النظامان في المغرب و فرنسا ينظران أيضا بعين الاستحسان لأكثر من 30 ألف جندي جزائري وهم  ينتقلون إلى الجنوب الجزائري لتأمين الحدود مع مالي و يتمنيان أن تزيد أعدادهم أكثر فأكثر على الجبهة المالية في حالة نشوب حرب و أن ينقص تركيزهم على حدودهم الغربية .

باختصار فرنسا و المغرب يرغبان في حرب شاملة في شمال مالي , كما أنهما يدفعان بكل قوتهما لجرّ الجزائر للمشاركة في هذه الحرب  للأسباب التي ذكرناها سابقا , و من "الصدف" أن الذي تكفل بتقديم و دعم المقترح الفرنسي في مجلس الأمن للتدخل في شمال مالي  هو ممثل المملكة المغربية.

الطرف الأمريكي و ببراغماتيته المعهودة , لم يعلن عن موقف واضح لحد الآن و هو لا يريد أن يخسر أي حليف له في المنطقة  , أضف إلى ذلك انشغال الإدارة الأمريكية الحالية بالانتخابات الرئاسية  و لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيقرره الأمريكان في حال وصول إدارة جديدة يحكمها الجمهوريون و حتى لو بقي الديمقراطيون فكلينتون ستغادر و ستترك مكانها لوزير خارجية جديد  , أما الفرنسيون فهم مقتنعون بأن لا شيء يمكن فعله في المنطقة دون الجزائريين و قد أعلن ذلك صراحة الرئيس السابق ساركوزي عندما قال أن الجزائر هي من يمتلك أغلب مفاتيح مشكلة شمال مالي.

الأمور ستتضح أكثر مع نهاية الانتخابات الرئاسية الأمريكية و زيارة الرئيس الفرنسي المرتقبة إلى الجزائر.

الشيء الذي يجب الانتباه إليه أيضا , أن للجزائر أوراق قوية يمكنها تحريكها أيضا على الأرض , فبالإضافة إلى "جماعاتها" في شمال مالي و التي تستطيع بها التشويش على أي مخطط , هناك شيء ربما يتناساه البعض و هي معاهدة التعاون و الدفاع الاستراتيجي الجزائرية الروسية, دون أن ننسى العلاقات الاقتصادية القوية جدا مع الصين التي صارت تحتكر السوق الجزائرية في مجال البناء و الطرق و المنشآت الضخمة , أمور ستجعل أي محاولة تهديد أو ضغط على النظام الجزائري غير مفيدة , لأن تعقيد الأمور أكثر سيؤدي الى مجلس الأمن و فيتو الحليفين الروسي و الصيني.

الأكيد أنه مهما كان موقف الجزائر فهو لن يحيد عن العقيدة السياسية و العسكرية التي تتبعها الجزائر منذ استقلالها و المبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول بالإضافة  إلى تجنب الدخول في صراعات عسكرية خارجية , يعني أنه يستحيل أن يطأ جندي أجنبي واحد أرض الجزائر مهما كلف الثمن , كما أنه يستحيل أن يتخطى جندي جزائري حدود بلده  ليحارب خارجها , أما باقي الأمور فيمكن التفاوض عليها و هذا ما جاءت من أجله كلينتون و ليس لإعطاء الأوامر كما يتحدث بعض هواة تحليلات المقاهي .

أحد المحللين السياسيين الأمريكان اختصر السياسة الخارجية للجزائر في ما يسمى نظرية "القلعة" و التي تعتمد أساسا على الابتعاد عن الصراعات الخارجية قدر المستطاع , و العمل على تحصين القدرات الداخلية و الدفاعية و الاكتفاء بتحريك الخيوط من بعيد ...و يبدو أنه أحسن وصف للسياسة الخارجية و الدفاعية الجزائرية.


بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق

(كل الحقوق محفوظة)

8 commentaires:

  1. ...احسنت اخي نايت...تحليل اكقر من واقعي بادق التفاصيل و المعطيات ....بتحليلك هذا اعطيت صفعة قويه لمحللي الكرتون و جلسات دق الحنك............برافو .........يعطيك الصحة

    RépondreSupprimer
  2. je fais canfiance total a nos politicien algerien ... hmd et rabi m3ahom

    RépondreSupprimer
  3. Une analyse complète !!.. ds réponses convaincantes à de nombreuses questions !!!
    et votre conclusion est trés rassurante !
    On attend la suite aprés les elections Américaines !!???!!..
    Un GRAND merci ! et bon courage !

    RépondreSupprimer
  4. Merci ! restez fideles au blog et vous aurez les meilleures des analyses , n'oubliez pas d'inviter vos amis et de partager

    RépondreSupprimer
  5. تحليل منطقي مفصل في اغلب النقاط اعجبني كثيرا. و لكنة يفتقر الى الشمولية لانك لم تدكر دور الحكومة المالية مع علاقاتها و الدول المجاورة خاصة بوركينا فاسو التي لديها خقد قديم نتيجة الحروب السابقة معها حول خلاف الخدود.

    RépondreSupprimer
  6. une analyse correcte , je pense toute fois que la Libye avait un rôle très important à jouer dans cette zone; l’Algérie profite du chaos qui règne dans ce pays pour s'accaparer la part du clan kadafi .

    RépondreSupprimer

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة