Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

samedi 18 octobre 2014

داعش , بضاعتنا التي رُدّت الينا




ظاهرة تنظيم داعش و الجدل الكبير الذي أعقب ظهوره المفاجئ و انتشاره السريع و في ظرف قياسي في مناطق واسعة بين العراق و سوريا تعادل مساحة العديد من الدول الأوروبية مجتمعة , و الانهيار العجيب للجيش العراقي ( أو ما تبقى منه ) في محافظة الموصل و محافظات أخرى أمام ضربات هذا التنظيم الذي لم يكن يسمع عنه أحد قبل أقل من سنتين فقط , ظاهرة جعلت الكثير من الاختصاصيين و الملايين من العامة يتساءلون عن سر هذا الصعود و هذه القوة الجبارة التي لازالت تواصل في تحقيق شعارها الشهير( باقية و تتمدد ) على الأرض رغم ضربات التحالف الجوية التي لم تؤثر فيه , بل على العكس , زادته بقاء و تمددا ! 

الكثير يتساءلون الآن , من أين جاء هذا التنظيم و أين كان سابقا و كيف تحول الى (داعش) و من أين تأتيه كل هذه القوة و العتاد و السلاح و المقاتلين ؟ , تساؤلات يمكن اعتبارها في أغلبها نوع من النفاق و الهروب من الواقع , خاصة بالنسبة للمجتمعات التي ظهر فيها داعش و اشباهه , شعوب تعودت على تجنّب الاسئلة الصعبة و المحرجة و حتى و ان تجرأت و تساءلت فهي تخاف أو تتجنب اعطاء الاجوبة الصحيحة و تفضل كالعادة غرس رؤوسها في الرمال الى أن يظهر بينها (داعش) جديد , مفضلة أجوبة سطحية و منافقة من نوع ( داعش لا يمثل الاسلام ) و نظرية المؤامرة الغربية الصهيونية كالعادة !

الأغلبية الساحقة من المتسائلين في بلداننا المنكوبة فكريا و عقائديا يعرفون جيدا من أين جاء الدواعش و اشباههم كما أنهم يعلمون أن هذا التيار و الفكر لم ينزل من السماء فجأة و بأنه متجذر فكريا و عقائديا عندنا منذ قرون و قرون طويلة , و المتعاطفون و المعجبون به ينافسون حتى جماهير و محبي كرة القدم في مجتمعاتنا , مئات الآلاف أو ربما الملايين يسكنهم داعش صغير يشعر حتى و ان لم يعلن ذلك صراحة أن ما يفعله داعش و اشباهه ( شرعي) و لكنه و بسبب ذلك الانفصام و المرض و الاختلال النفسي و العقلي الذي أصاب مجتمعاتنا سيجد لك تلك المبررات الشهيرة عن نظرية (التشويه) و المؤامرة الغربية الصهيونية و الشيعية و حتى الفضائية ان لزم الأمر.

عن نظرية المؤامرة :

أكبر مغالطة يلجأ اليها الكثيرون للهروب من الاسئلة أو حتى الأجوبة الصعبة , هي اللجوء مباشرة الى اتهام الآخر المختلف عقاديا بالتآمر على ( المسلمين) و هي نظرية (داعشية) بامتياز يعتنقها الكثير ,  و التي ترى في كل من لا يتبع التيار التكفيري (الداعشي) في رؤيته للإسلام و للغير , فهو حتما (كافر) و متآمر يجوز قتله و سبيه و ابادته , و كما يعرف الجميع , فالأسطوانة الأكثر انتشارا هي اتهام الغرب و الأمريكان والشيعة و كل من لا يعتنق الفكر التكفيري و الذين يسمونهم عادة بالعلمانيين بمحاولة تشويه صورة الاسلام , رغم أنهم لم يتركوا لكل هؤلاء (الكفار) ما يشوهونه , فقد قاموا هم بالمهمة و (الواجب) و أكثر و ليسوا بحاجة لمن (يساعدهم) , و لن يسعنا المجال هنا لنستعرض كل (الكوارث) التي جعلت من الاسلام أضحوكة و رمزا للدموية و الارهاب و الجهل و التخلف , يكفي فقط أن نعود لتصريحات و (اجتهادات) رموزهم , لنجد أمورا يندى لها جبين ابليس شخصيا !

الانتشار الرهيب للفكر التكفيري في صورته الوهابية و الاخوانية في مجتمعاتنا هو الذي انتج لنا داعشا اليوم و أنتج أشباهه سابقا و لن يتوقف عن انتاج أمثاله مستقبلا , داعش هو انتاج محلي خالص و جذوره عميقة جدا تمتد لقرون و قرون طويلة و لسنا بحاجة لأمريكا او الغرب في هذا المجال فقد تحولت مجتمعاتنا الى مصانع لإنتاج تلك الكائنات التي تأكل لحوم البشر و تقطع الرؤوس و هي تكبّر و تحلم بالحور ! و كفانا نفاقا و كذبا على أنفسنا قبل غيرنا , النسخة الحالية التكفيرية السلفية الاخوانية من الاسلام هي السبب الأول و الرئيسي لانتشار و ظهور داعش , و الكارثة أن أغلب المسلمين مقتنعون أن هاته النسخة المشوهة هي الاسلام المحمدي الحقيقي بسبب الدعم المالي الخرافي و الاعلامي الذي تكفلت به السعودية لنشر و احياء هذا التيار طوال ما يقرب من قرن من الزمن , تكفل بعمليات غسيل مخ لأغلب من يعتنقون الدين الاسلامي الذين تحولوا الى وهابيين و دواعش ناشطين أو نائمين دون أن يشعروا !

استغباء آخر , يلجأ اليه البعض لتبرير ما لا يُبرر , فبالاضافة لاتهام الغرب و أمريكا , يخرجون علينا بالشمّاعة الايرانية الشيعية لتبرير جرائم الفكر الداعشي في العراق و سوريا , و لكن كيف لهم أن يفسروا لنا جرائم أسلاف الدواعش في الجزائر في تسعينات القرن الماضي و في مصر و الصومال و نيجيريا مثلا, رغم أنه لا وجود للشيعة في هذه الدول كفانا استحمارا لأنفسنا و للعامة !

أمور عجيبة اخرى يمكننا ملاحظتها حتى على الشبكات الاجتماعية و في النقاشات الشعبية تُظهر مدى تغلغل الفكر الداعشي حتى عند العامة ممن نعتبرهم من ( المعتدلين)  , فيمكنك مثلا أن تراهم يقيمون الدنيا و لا يقعدونها في قضية حجاب  فتاة في فرنسا أو افطار مجموعة من الشباب في الجزائر أو اغنية او رواية يرون أنها (فاسقة) , ولكنهم لا يرون أي مشكلة في آلاف من الأزيديين و هم يتعرضون للابادة و تسبى نساؤهم , و حتى ممارسات الدواعش في مسلمين مثلهم من قطع رؤوس و فتح أسواق للجواري و منع دراسة علوم (الكفار) , لا يعلقون عليها لأن اغلبهم يعتقد (بشرعيتها) ... انها قمّة التناقض و الفكر الداعشي (المعتدل) , في انتظار أن يجد فرصته ليعبّر عن (شعوره) المكبوت و يتحول الى داعشي تطبيقي بعد أن كان نظريا فقط.... من هنا جاءتكم داعش !

طريقة سيطرة داعش العجيبة و السهلة على محافظة الموصل في العراق و قبلها بعض المناطق في سوريا , توضح لنا هذا الأمر بجلاء , كان ذلك بسبب (المخزون) الداعشي الشعبي الكبير الذي فتح لهم الأبواب و هو يكبّر لهذا (الفتح) الكبير لإعلاء راية الاسلام كما يعتقدون  بالإضافة الى الخيانات التي حدثت في الأجهزة الأمنية و العسكرية من قيادات اصابها (الاندعاش) , انهم الخلايا النائمة و المُعجبون و (المعتدلون) ... داعش يمكنها الآن أن (تفتح) أي بلد في المنطقة , فقط باستعمال قواعدها و مخزوناتها الشعبية !

أتذكر أيضا تلك الطريقة (السريالية) التي ظهرت بها حركة طالبان فجأة في أفغانستان  و كأنها نزلت من السماء و كيف سيطرت على مناطق واسعة في لمح البصر و بدأت تستغل في ( المخزون الشعبي) من (المؤمنين)  بنفس الطريقة التي تم بها استغلال هذا (المخزون) في حرب أمريكا ضد الاتحاد السوفياتي في افغانستان باسم (الجهاد) , نفس سيناريو داعش ... يبدو أن مجتمعاتنا لا تتعظ !


لنعد الآن الى نظرية المؤامرة , ان كان هناك من مؤامرة فهي في استغلال الغرب و امريكا لهذا الفكر الذي تحول الى كارثة قاتلة علينا و ليس في صناعته , فكما قلنا سابقا , مجتمعاتنا حققت اكتفاءها الذاتي صناعة الفكر التكفيري الداعشي  و قد صارت تصدر فائضها الى باقي المجتمعات , كما أن مجتمعات أخرى تحترم نفسها , تستغل هذه الثغرة القاتلة عندنا لتحقيق مصالحها في كل مرة , و هذا أمر عادي في صراعات الدول على النفوذ و المصالح الاقتصادية و السياسية خاصة اذا وجدت أمامها (مخزونات) مثل التي نمتلكها في مجتمعاتنا .

من أين جاءت داعش ؟ :

بالإضافة الى مصدرها العقائدي و الفكري الذي تحدثنا عنه أعلاه , يتساءل البعض أيضا من اين جاء كل هذا العدد الهائل من المقاتلين المدربين على أعلى مستوى و المسلحين تسليحا جيدا يتعدى الكثير من جيوش المنطقة , باختصار , داعش (زهرة) من زهور (الربيع) العربي التي تفتحت , أكثر من ثلاث سنوات من التسليح و التدريب تحت مسمّى (الثورة) في سوريا , أثبتت الوقائع ما كنّا قد تحدثنا عنه في الكثير من تحليلاتنا السابقة , لا وجود لما يسمّى الجيش الحر أو (الثوار) في سوريا , و انما مجموعة من الارهابيين المرتزقة المتعددي الجنسيات تم تدريبهم و تسليحهم باسم الدين كالعادة , للقيام بمهمات قذرة في المنطقة لتخريب سوريا و العراق و باستغلال ذلك (الداعشي) الصغير الذي يسكن أغلب المسلمين و ينتظر فقط فرصته ليفرج عن مكبوتاته في القتل و التخريب و السبي و النكاح .

نفس الشيء يحدث الآن في ليبيا بعد (الثورة) , حيث اصبح لأشباه الدواعش جيوشا و سلاحا فتاكا , و هم الآن يستعدون لمهمتهم القادمة , (فتح) الجزائر و مصر , و باستغلال (المخزون الشعبي) و المتعاطفين و الخلايا النائمة و من يدعون أنهم من (المعتدلين)  في هذين البلدين .

الشيء الايجابي الوحيد ربما منذ اعلان (الخلافة) في العراق و ما تبعها من جرائم و سبي و قطع للرؤوس , أن اقلية مستنيرة بدأت تظهر و تتساءل ان كان حقا هذا هو الاسلام و عن ضرورة اعادة النظر في الكثير من الأمور في التراث الاسلامي الذي طغى عليه الفكر التكفيري المقيت و العودة الى انسانية الاسلام  , و قد بدأ هذا التيار يعرف انتشارا و ككل فكرة جديدة مجددة ستعرف مقاومة في بدايتها و لكنها ستنتهي بفرض نفسها عاجلا أم آجلا, العبرة في الكيف و ليس الكم و الطريق لازال طويلا و صعبا لأن العامة تجد صعوبة في سماع من يحدث عقولها و تميل لمن يدغدغ غرائزها البدائية و لكن الى متى ؟ 

بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق 
( جميع الحقوق محفوظة )

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة