Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

mardi 9 septembre 2014

هل تحول التديّن الى خطر على مجتمعاتنا ؟

بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق

أكبر مشكلة لازالت تعاني منها مجتمعاتنا المسلمة هي عدم جرأتها على طرح الاسئلة التي يجب طرحها و اكتفاؤها فقط بهوامش الأمور و توافهها , خوفا أو رياء أو نفاقا  أو بلادة , مجتمعات يمكنها أن تستنزف طاقتها الفكرية و الجسدية في التساؤل عن علاقة لباس البحر بالزلازل و ألفيضانات و عن الصلة الموجودة بين حجاب المرأة و الجفاف و عدم سقوط الأمطار و عن قطع يد السارق و علاقتها بقلة المحاصيل , كما يمكنها أيضا تتساءل و لقرون طويلة عن أفضل طريقة للاستنجاء و الاستجمار و دخول الحمام تسمح لها بتحقيق النهضة الحضارية و منافسة الأمم العظيمة و استرجاع الأمجاد !

قبل أن نستفيض اكثر في فكرتنا , علينا أولاّ أن نوضح بعض الأمور لأن بعض "حماة الهيكل" يتربصون ككل مرة لطرح اتهاماتهم و أسئلتهم "العظيمة" مثل تلك التي ذكرناها أعلاه, فحديثنا هنا عن ظاهرة "التديّن" لا علاقة له بنظرتنا للدين الاسلامي  و لكل الأديان على العموم , و "التديّن" هو شكل من اشكال فهم الدين و ممارسته , فإذا كان هناك اشكال في فهم الدين بتحريف مفاهيمه و مبادئه فسيحدث حتما اشكال في ممارسته و سيتحول "التديّن" في هذه الحالة الى مشكل و عائق و خطر على المجتمع !  
اصابونا بالتخمة و منذ عقود طويلة عن ظاهرة "الصحوة" الدينية و عن  التغييرات الإيجابية التي ظهرت على مجتمعاتنا و كيف عاد الناس الى دينهم أفواجا أفواجا و كيف أصبح شبابنا أكثر "تديّنا" و اهتماما بالأسئلة "العظيمة" التي تحدثنا عنها سابقا , وكأن المجتمعات المسلمة كانت قبل ما يسمى "الصحوة" تعيش في زمن الجاهلية الأولى !
و لكن لنكن واقعيين و نبدأ بمقارنة علمية و منطقية لحال مجتمعاتنا قبل و بعد "الصحوة" التي بدأت ملامحها في الستينات من القرن الماضي لتصل اوجّها في الثمانيات ثم لتبدأ ثمراتها "المباركة" تظهر في التسعينات دماء و فتنا و تخلفا و خرابا و تقسيما ... فهل تصح فيها فعلا تسمية "صحوة" و "تديّن" ؟  
لنقارن بين حال بعض الدول المسلمة قبل و بعد ظاهرة "الصحوة" و "التديّن" , هل حدث هناك أي نوع التحسن الاقتصادي و الأخلاقي و الأمني و الثقافي و الحضاري بصفة عامة ؟ و هل عدنا الى زمن "الأمجاد" أم ازددنا انحطاطا من كل النواحي ؟
لا أحد يستطيع أن ينفي تلك المتلازمة التي اصبحت قاعدة في كل مجتمعات "الصحوة" و تلك العلاقة بين انتشار "التديّن" و انتشار ظاهرة التحرش بالنساء , و اوضح مثال على ذلك , التغيّر الذي حدث في المجتمع المصري و الانتشار العجيب لظاهرة التحرش و الاغتصاب التي أصبحت رياضة شعبية تماما مثل ظاهرة "التديّن" , و لنقارن فقط بين القاهرة في الأربعينات و الخمسينات قبل "الصحوة" و التي لم تكن تعرف نهائيا هذا المرض  و قاهرة اليوم ؟ لنقارن بين الانتاج الفكري و المعرفي و الفني الراقي لمصر قبل "التديّن" و الانحطاط الذي تعرفه اليوم ؟ كيف كانت المرأة المصرية تسير في شوارع القاهرة بكل أمان و احترام قبل "التديّن" و كيف هي حالتها اليوم , حيث لم يعد ينفعها لا نقاب و لا جلباب من تحرشات  زمن  "الصحوة" , و الأمثلة كثيرة و متشابهة في كل الدول المسلمة تقريبا و قد اخذنا مصر كمثال فقط لأنها تعتبر عاصمة "الصحوة" الحديثة !... هل استطاع "التديّن" على الطريقة الاخوانية و السلفية "الصحوية" أن يساهم في ترقية أخلاق المجتمعات و أذواقها , هل زادها رقيا أم انحطاطا و حيوانية ؟ ... الجواب يمكن استنتاجه و بالعين المجردة , إلا بالنسبة لمن تعودوا على طرح الاسئلة "العظيمة" التي تحدثنا عنها سابقا !
هل يمكننا ايضا أن ننكر العلاقة التي أصبحت وثيقة و موثقة بين انتشار "الصحوة" و "التديّن" و بين الفتن و الحروب الأهلية المدمرة التي عرفتها دول لم يكن يتصور عاقل أن يصل ابناءها الى قتل بعضهم البعض لأسباب مذهبية و طائفية و دينية , و المذهل أنه في بعض الحالات الاقتتال و الذبح لم يكن يحدث بسبب اختلاف المذهب فقط , بل يمكنك أن تجد طائفة تقتل طائفة أخرى مثلها تعتنق نفس المذهب , فقط لأنها تعتبر نفسها أكثر "تديّنا" من الطائفة الأخرى , مثلما حدث في الجزائر في تسعينات القرن الماضي , بلد اغلب سكانه يعتنقون نفس المذهب السني و لكن ظهور طائفة "متديّنة" في وسطه استفادت من نعم "الصحوة" جعلت الدماء تسيل كالأنهار ...
دول مثل سوريا و العراق , كان المواطن العادي يستحي أن يتحدث فيها عن مذهبه و طائفته , تحولت و بفضل "نعمة" "التديّن" التي عرفتها الى مقابر جماعية !
و من سخريات الزمن , أن الايجابية الوحيدة التي يمكن حسابها لظاهرة  "التديّن" هي أنه ساهم في انخفاض النمو الديمغرافي لبعض الدول بتسببه في مقتل ملايين المسلمين من جاكارتا الى طنجة , بالإضافة الى تحويله حياة دول أخرى الى ابسط صورها البدائية بعد أن قضى على كل اشكال الحضارة و البنية التحتية في مناطق مثل أفغانستان و الصومال !
لماذا تحول مفهوم "التديّن" عندنا من رمز للتسامح و الرحمة كما تعرفه الانسانية منذ بدأ الخلقة , الى رمز للكره و الحقد و التكفير و القتل ؟ فكلما ازددت كرها و تكفيرا  للمذاهب و الطوائف التي لا تنتمي اليها , ازداد "تديّنك" بمفهوم "الصحوة" , لماذا اصبحت المذاهب و الفرق الدينية عندنا و خاصة السلفية و الاخوانية منها اشبه بتلك الجماعات السرية sectes  المخيفة و التي يخضع كل اتباعها الى زعيم يمارس عليها كل اشكال التبعية والاستعباد و غسيل المخ و الدموية و يحولهم الى مهووسين بالدين... هناك خلل ما !
هل المشكل في الدين أم هو في مفهوم "التديّن" الشاذ و المنحرف الذي عرف انتشارا مخيفا في مجتمعاتنا منذ ظهور "الصحوة" , مجتمعات كانت تعيش دينها ببساطته ليأتي من يزيدها "الجرعة" حتى تحولت الى Overdose قاتلة  ؟ ... مهما كانت أجوبتنا , فالأكيد ان "التديّن" بشكله الحالي قد تحول الى خطر قاتل لمجتمعاتنا و تهديد لكل الانسانية و قد حان الوقت لنطرح الاسئلة الصعبة و المحرجة حتى نتجنب الانقراض !
( جميع الحقوق محفوظة )
تم نشر المقال على موقع بوابة افريقيا الاخبارية هل تحول التديّن الى خطر على مجتمعاتنا

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة