Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

jeudi 7 février 2013

تونس تدخل مرحلة ...الجزائر



بقلم :  نايت الصغير عبد الرزاق .


للأسف حادثة اغتيال المناضل شكري بلعيد في تونس لن تكون الأخيرة, تماما كخطابات الشجب و التنديد التي سنسمعها بعد كل عملية اغتيال , و تلك الاتهامات المبهمة و الهلامية ل "أعداء الأمة " و "اليد الأجنبية " , سيبكي البعض بكل جوارحه و سيذرف البعض الآخر دموع التماسيح , ثم سنعود جميعا لردم رؤوسنا و أعناقنا في رمال متحركة تحت أقدامنا , سنواصل سياسة هروبنا من الواقع و سنحاول إقناع عقولنا و نفوسنا  و مجتمعاتنا المصابة بمرض الزهايمر التاريخي و الشلل الحركي و الكذب و النفاق الاجتماعي بأن من فعل "هذا" ليس من "أولائك" رغم ما تراه أعيننا و تسمعه آذاننا يوميا على الفضائيات و في خطب المساجد التي احتلها التكفيريون و على صفحاتهم الممولة من أطراف خليجية معروفة لسنا بحاجة للحديث عنها , فمئات الآلاف من اسر المسلمين اكتوت بنارها و لازالت ! و سيظهر من كانوا يكفرون و يحرضون  و يهدرون دماء من تم اغتيالهم ليقولوا أنهم دعاة سلام , ثم سيصدرون بيانات التنديد و هم يذكروننا برسالة الإسلام السمحة و التي تحرم إهدار دم المسلم ...في انتظار "شكري بلعيد" القادم !

أيام قليلة قبل اغتيال المرحوم شكري بلعيد كانت تنتشر على صفحات تيار معروف , فيديوات لمن يسمون "دعاة" و "ناشطين" تونسيين و هم يطالبون برأس شكري و آخرين , خطابات صارت جزءا من حياتنا اليومية و من "ديننا" , خطابات تحولت إلى "أسلوب حياة" و فكر من لا فكر له , أصبحت أيضا وسيلة لصعود السلم الاجتماعي , فكلما ازددت غلاطة و فظاظة و عبوسا و دموية في حديثك عن كل من يعارض توهبنك أو تخونجك  ازداد بعض المغفلين إعجابا بك و لن يطول بك الوقت لتجد نفسك قد تحولت إلى "شيخ" تعتلى منابر الجمعة و الأعياد و تتعالى لك  التكبيرات بعد كل كلمة تكفير أو إهدار دم إنسان لم يعتنق دينك الغريب بعد !

سياسة الاستحمار و النعامة التي صارت تعيشها مجتمعاتنا جعلتها و بعد كل فاجعة أو اغتيال أو مجزرة , تبحث عن التبرير "الشرعي" لما حدث أو إيجاد كبش فداء من الجماعة الذين علّمهم شيخهم أنهم كفار فلا يُعقل أن يخطي الشيخ  ...مجتمعات يعرف فيها أغلب من بقيت في أنفسهم ذرة من الإنسانية من هو القاتل و من أين يأتي الفكر الذي يروج لذلك , و لكنهم بالإضافة إلى مرض الاستحمار و النعامة يعانون من مرض ازدواج الشخصية , يطالب بحقوقه و حريته , ثم تجده يناصر من يدعو إلى حرمان أطياف واسعة من المجتمع من ممارسة حقها ...في الحياة ! , لأن "تدينها" لم يعجب شيخه الذي لا ينطق عن هوى !

الاغتيالات و المجازر "الدينية " ستتواصل في دولنا المريضة و المتخلفة , ما لم نسأل أنفسنا سؤالا جوهريا و نحاول الإجابة عليه بصراحة و شجاعة ... لماذا لازالت مجتمعاتنا هي المجتمعات الوحيدة على وجه الأرض التي تمارس التكفير و القتل و الإجرام المجازر و التمثيل بالجثث باسم الدين ؟؟؟ حتى الاستعمار صرنا نفرش له الورود و نكبّر له و نفتح له بيوتنا لمجرد فتوى دينية !

المشكلة تعود إلى فكر و نظرة و تفسير للدين أصبح حصرا على طائفة و "مدرسة" معينة استطاعت و بفضل الدعم المالي و الإعلامي الخرافيين من مشيخات الخليج أن تتحول إلى المرجع الوحيد و الأوحد للدين الإسلامي و كل ما غير ذلك فهو كفر وجب قتله و قتاله , و الكارثة ليست هنا و لكن في طغيان التفسير العنيف و الدموي ضد الشعوب و المداهن للسلاطين و انتشاره في أوساط المسلمين انتشار النار في الهشيم , جعلت من  المسلم "العادي" يرى في قتل "الكافر" بحسب تفسير شيخه ...شيئا عاديا جدا !

انتشار الفكر التكفيري في أوساط المجتمع هو من سيقضي على المجتمع, و هو الوعاء و الممون و الممول الشعبي الذي لا ينضب للإرهاب , لا يجب أن نخدع أنفسنا و ننتظر يوما ينتهي فيه الإرهاب في مجتمعاتنا مادامت كتب بن تيمية و بن عبد الوهاب و سيد قطب و أتباعهم تباع في مكتباتنا و تقدم كهدايا لأبنائنا في المساجد و المدارس و على أرصفة الشوارع , الحرب ليست أمنية و عسكرية فحسب , بل هي فكرية بالأساس و تحتاج إلى قرارات شجاعة من أنظمة و سلط مصابة بالازدواجية كشعوبها , كيف نفسر سكوت و تقاعس  النظام الجزائري مثلا مع دخول هذا النوع من الكتب الإرهابية أمام العلن , كتب كانت سببا رئيسيا في قتل الآلاف من الجزائريين و دفعت بآلاف آخرين إلى حمل السلاح على بني جلدتهم لأنهم يرون فيهم "كفارا" ... ازدواجية أصابت حتى النخب المثقفة التي أصبحت تدافع عن بعض منظري هذا الفكر الدموي , و هم لا يعرفون ربما أن أول من ستنصب لهم المشانق و يتم تكفيرهم هم المثقفون و الفنانون و المفكرون و كل النخب العلمية و الأدبية لأنهم يرون فيهم أعداء "للدين" !

كذبة أخرى يريدون ترويجها بين الناس , قصة "المعتدل" و "المتطرف" في أتباع المذهب التكفيري و "مفكريه" الذين ذكرناهم أعلاه , التاريخ و المآسي أثبتت أن "المعتدل" هو مشروع متطرف و هو حليفه الطبيعي و وعاءه البشري و الفكري و المالي , المتطرف ليس إلا المرحلة الأخيرة في "التطور" , لا وجود لإرهابي تكفيري لم يسبق له أن أخذ دروسا و تشبع " بفكر مدرسة الاعتدال" التي ليست في الحقيقة إلا عملية تدجين و حشو و تحريض فكرية قبل المرور إلى مرحلة "الجهاد" !

نظرة بسيطة على الحلف المقدس و تبادل الأدوار و التواطؤ الحاصل بين "المعتدلين" و المتطرفين" في مصر و تونس سيجعلنا نفهم أنه لا فرق , تناغم تام .
نعود إلى تونس , ما يحدث في تونس اليوم ليس إلا بداية مرحلة جديدة , فالطريقة هي نفسها تماما , نفس الشيء حدث في الجزائر و أفغانستان و باكستان و الصومال و نيجيريا و سيحدث في مصر أيضا مع اختلافات بسيطة و العامل المشترك الأكبر هو الفكر التكفيري المقيت المنتشر .
نفس الأسباب ( و نفس الفكر) تؤدي إلى نفس النتائج , بعد اغتيال السياسيين , سيمرون إلى اغتيال الشرطة و الجيش , ثم سينتقلون إلى المفكرين و الفنانين و الصحفيين , ثم سيرتكبون مجازر جماعية في المواطنين , ثم سيظهر بعض المغفلين من "الشعب" و "المعارضة" و سيتهمون الجيش أو أطرافا خارجية رغم أنهم يرون بأعينهم يوميا آلاف عمليات التكفير و التحريض و التحضير من على منابر المساجد و الفضائيات و المواقع.

المشكلة الكبرى في تونس و مصر هي أنهم وصلوا للحكم و سيمارسون تكفيرهم هذه المرة تحت غطاء الشرعية الشعبية و الثورية ! وهنا يكمن الخطر , إذا استطاعوا أن يسيطروا على أجهزة الأمن و الجيش بمساعدة الأموال الخليجية فستكون الكارثة , تصوروا معي تكفيريا يكون بيده جيش كامل من الشرطة و العسكر ؟؟ و هذا هو وجه الاختلاف مع الحالة الجزائرية أين بقي الجيش معاديا للفكر التكفيري و مدافعا بشراسة عن الجمهورية و دفع لأجل ذلك ثمنا باهضا و لكنه تعلم الدرس جيدا .

ما يجعلنا نتفاءل في مستقبل شعوب المنطقة يكمن في فكر هذه الجماعات التكفيرية التي تعاني من غباء سياسي مستفحل بإعادتها لنفس الأخطاء , حيث يمكنك و بسهولة التنبؤ بالسيناريو المتكرر الذي يعيدونه عبثا , بالإضافة إلى  دخولهم في كل مرة في صدام مع الشعوب و محاولتهم فرض فكر رجعي ترفضه الفطرة و المنطق و التاريخ و الجغرافيا , فالشعوب مهما بلغت كبواتها إلا أنها تحاول دائما السير نحو المستقبل , فهي من سنن الحياة و لا يمكن لحركات تعيش في الظلمات الساحقة من التاريخ أن تسيطر عليه مهما كانت التضحيات .
رحم الله شكري بلعيد و كل شهداء الحرية في حربهم ضد الرجعية الظلامية الدموية , فلن تذهب تضحياتكم سدى .


( جميع الحقوق محفوظة) 



1 commentaires:

  1. لماذا ? لماذا?? الدم! الحرب !المرض !التخلف ?الجهل!!... الا عندنا !!لماذا
    خسارة !! تونس كان بلدا امنا !.. شعبه متخلق هادىء !..و ... و

    RépondreSupprimer

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة