Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

mercredi 15 mai 2013

الصعود عن طريق ...الهبوط


بقلم :  نايت الصغير عبد الرزاق .

و أنا أشاهد فضيحة نهائي كأس الجمهورية و رفض لاعبي المولودية الصعود الى المنصة لاستلام ميدالياتهم في سابقة عالمية لم يشهد لها التاريخ مثيلا , و هم يتحدّون و يتطاولون على كل الأعراف الأولمبية و الأخلاقية و على رموز الدولة الجزائرية و ممثليها ( بغض النظر عن رأينا في النظام القائم) بدون أي حياء أو احترام , و أنا أشاهد هذا المنظر المقرف و المثير للشفقة , ازدادت قناعتي بمدى الانحطاط الاجتماعي و السياسي و الثقافي و التربوي و الأخلاقي الذي وصلت اليه مجتمعاتنا و في كل المجالات .

مشهد النهائي يختصر وبصورة واضحة مشهدا أكبر و أوسع , معاملات و تعاملات و تصرفات  أصبحت "ثقافة" في مجتمعاتنا , "ثقافة" اللاثقافة و الانتهازية و الوصولية و التسلق و اللاعقاب , ثقافة جعلت من رجل أميّ متسلق و وصولي مثل "عمر غريب" يصل الى رئاسة أكبر و أعرق فريق جماهيري في الجزائر و تصل به الجرأة أن يتحدى الأعراف و التقاليد و الشعب و الدولة ...

الصعود عن طريق ...الهبوط 

"عمر غريب" ليس الا حالة "بيداغوجية" و نموذجية تختصر ملايين الحالات من أمثاله في مجتمعاتنا , أو كيف تصعد السلم الاجتماعي كلما ازددت هبوطا ...أخلاقيا !
نظرية "الصعود عن طريق الهبوط الأخلاقي" هي من أوصلت أمثال هذا النكرة "عمر غريب" الذي لم يكمل دراسته الابتدائية و الذي بدأ حياته "المهنية" كبائع مخدرات ثم سائق تاكسي "مخفي" ثم حارسا و حاملا للعتاد و "مخبرا" لمسؤوليه ينقل لهم كل ما يحدث و ما لم يحدث عن اللاعبين و الطاقم الفني ثم كوسيط بين "المسؤولين" و اللاعبين يتكفل بنقل "النسبة المائوية" من عقود اللاعبين الخيالية لرؤسائه, ليصل الى قيادة أحد أعرق الفرق في شمال افريقيا و يتلاعب بالملايير و يبيع و يشتري...

ولد خالة مول الباش...و الكلوفي 

طريقة أخرى لصعود السلم الاجتماعي في بلداننا هي أن تكون من الأقرباء أو من المقربين لمن سبقوك في الصعود , و لا  يهم ما تحمله في جعبتك من علم أو كفاءة , الأهم هو أن تكون من العائلة أو الجهة التي ينتمي اليها ذلك الذي رمى لك بالسُلّم لتصعد , فتنتشر شبكات الرداءة العائلية المتوارثة من أسفل الدرج الى أعلاه لتنشر "ثقافتها" و رداءتها , فهي لا ترضى بغير الرداءة بديلا أو شريكا و ظهور أي من أشكال الكفاءة قد يقضي على "سلالتها" لذلك تجدها دائمة الحرص على الحفاظ على صفاء "العرق" !

بالاضافة الى "ولد خالة مول الباش" , هناك طائفة متسلقة أخرى , شخصية الرجل "الكلوفي" الذي يتدخل فيما لا يعنيه و يحب البروز و اعطاء صورة "مشرقة" عن رداءته , هذا النوع من الشخصيات استطاع أن يحقق "اختراقات" في السلم الاجتماعي بفضل استغلالها لسذاجة فئات واسعة من المجتمع .

الشيّات و الشيخ الحجّام ...

أفضل طريقة للصعود في مجتمعاتنا هي "الشيتة" , الشياتين هي الطائفة الأكثر انتشارا في مجتمعات الرداءة , تجدهم في كل مكان و في كل مجالات الحياة , من حارس المدرسة الى "مستشار" رئيس الجمهورية و وظيفتهم الأولى و الأخيرة هي عبادة المسؤول و التسبيح بحمده صبحة و عشية و نقل الأخبار عن كل ما حدث و ما لم يحدث , هي طريقتهم في "الهبوط " للحصول على اذن "الصعود" و قد نجح الكثير منهم في ذلك ...

البعض الآخر ممن حرمهم الله من أي موهبة فكرية أو جسدية أو يدوية و خريجي " يوجه الى الحياة العملية" وجدوا ضالتهم في الصعود الاجتماعي عن طريق الدين و هم يستغلون ذلك الهوس الذي أصاب المجتمع بالدين و مظاهره الخارجية , الكثير من بائعي "الخلطات المكية" و ممارسي الحجامة "على رؤوس اليتامى" تحولوا بقدرة قادر الى "شيوخ" يناديهم البعض ب "مولانا" , و حتى ان لم يحالفك الحظ في فنون الحجامة و الخلطات , فيكفي أن تطلق لحيتك و تلبس قميصا و تكحّل عينيك  و تُفرغ قارورة مسك على نفسك... "لتصعد" و تصبح لك مكانة في المجتمع لم تكن تحلم بها حتى في أشد أحلامك المتفائلة ! و الكثير من "الشيوخ" الصاعدين أصبحوا اليوم "علماء" يستفتيهم الناس في أمور دينهم و دنياهم في مجتمعاتنا المريضة , "علماء" لم يكونوا ليصلوا حتى الى درجة بوّاب في مجتمعات تحترم نفسها  !

الرداءة ستقتلنا ...

المفاهيم في مجتمعاتنا صارت مقلوبة و خطيرة , نظرتنا للجهد و الأخلاق الانسانية صارت مرضية , انتشرت ثقافة التسلق و الانتهازية و النفاق , أصبح الجميع يتعامل مع محيطه و مجتمعه و دولته بعقلية الغنيمة , المشكل ليس سلطويا فقط كما يريد البعض تصويره لأغراض سياسية , المشكل أعمق و قد أصبح ثقافة و دينا يُعبد , مايحدث في أوساط "الصاعدين" ليس الا صورة لما هي عليه "القواعد" , انتشار الرداءة في جميع المجالات و لم يسلم حتى الدين الذي صار أيضا وسيلة شعبية لممارسة التسلق , مجتمعاتنا مصابة بأمراض مزمنة و متعفنة و هي تعيش مراحلها الأخيرة , اللهم الا اذا حدثت معجزة الهية تقلب المفاهيم المغلوطة و الكاذبة التي نعيشها ....   

(جميع الحقوق محفوظة) 

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة