Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

jeudi 10 octobre 2013

مذكرات "كادنة" في بلد الطواحين




بقلم :  نايت الصغير عبد الرزاق .

لا أعرف بالضبط كيف و متى أتوا بي الى هذا البلد الغريب و العجيب المسمى الجزائر , كل ما اعرفه أن اصولي صينية و جاء بي احد التجار من ذوي النفوذ في باخرة عبر المحيط ليرسو بي في ميناء الجزائر أو مغارة علي بابا و لصوصه الذين تعدى عددهم الأربعين بكثير , المهم ... وصلت ميناء الجزائر أو مغارة علي بابا كما سبق و قلت , في حاوية رفقة الآلاف من مثيلاتي "الكادنات" و اشياء أخرى لا يعرفها الا الله, و لن أتحدث لكم عن كيفية مرور الحاوية عبر السكانير أو بالأحرى عدم مرورها , كل ما عرفته فيما بعد هو انني كنت و زميلاتي من "الكادنات" مجرد تمويه كما يقولون في "الوسط" و هذا ما يفسر ربما مرورنا مرور الكرام عبر الرقابة و لن أستفيض كثيرا في التفاصيل لأنهم كما يقولون أن الشيطان يسكن في التفاصيل فلا قوة لي على غضب "الشيطان" و زبانيته.

ربما أكون قد أطلت عليكم قليلا في تقديم نفسي ... المهم , اكتشفت أن سكان هذا البلد العجيب يسموننا "كادنة" أو "فكرونة" في بعض المناطق , و لم أفهم لحد الآن ما العلاقة بيني و بين السلحفاة في منطقهم , شعب غريب حقا  !

انتهى بي الحال على طاولة أحد الباعة المتجولين بالقرب من جسر فوق نهر ملوث رفقة بعض الاشياء الأخرى كالدخان و الشمة و بعض الزطلة تحت الطاولة طبعا و لم يلتف لي أحد منذ أن وضعوني على هذه الطاولة, لاتفاجأ في أحد الأيام بزوج من العشاق تبدو عليهم ملامح النعمة و أكاد أُجزم أنهم لا يأتون الى هذا البلد الا لجمع "الغلّة" ثم العودة الى ما وراء البحر , و يبدو أنهم "فارغين شغل" لم يجدوا ما يفعلونه الا شراء "كادنة" و بعد أن دفعوا للبائع , حملوني معهم و أنا أتساءل عمّا سيفعله بي هذا الزوج من "الفارغين شغل" , فاذا بهم يضعونني على سياج فوق ذلك الجسر الملوّث الذي تحدثت لكم عنه سابقا , ثم يحكمون اغلاقي و تنتهي العملية بالأحضان بين عاشقين تعاهدا على العيش سويا تحت مظلة حب "كادناوي" جامح, كل هذا حدث فوق جسر ملوّث نتن و باستعمال "كادنة" صينية قلت لكم أنهم فارغين شغل ! , و المفاجأة الأخرى هي أنني اكتشفت أن هناك العشرات من مثيلاتي الكادنات و العشرات من العشاق يحتفلون بكادناتهم فيهم من تجاوز سن العشق و لن تنفعه كادنة أو "فكرونة", أشخاص يبدو عليهم جميعا أنهم لم يركبوا يوما النقل العام في هذا البلد و لم يحصل لهم شرف التعرف على طوابير الانتظار في الادارات الجزائرية , قلت لكم أنهم فارغين شغل !...تساءلت ايضا , لماذا الكادنة على جسر فوق نهر ملوث ليعبّروا بها عن حبهم و وفائهم و لماذا لم يخترعوا شيئا من تقاليد هذا البلد كأن يقوموا مثلا بعقد خيط في احد مقامات الأولياء الصالحين الذين تعج بهم هذه الارض ؟؟ كان ذلك سيجعلهم ربما أكثر قربا من "الأنديجان"!

اكتشفت أيضا أن هناك طائفة أخرى من "فارغين الشغل" , ساعات قليلة بعد أن تم صلبي على هذا الجسر و بعد أن التحق أغلب العشاق و هم مسرعين بالمطار و بعد هدوء شعرت فيه بالنعاس , ظهرت تلك الطائفة الاخرى من  "الفارغين شغلا " و هم يكبرون و يستعدون للجهاد ضد الكادنات فيما يسمى ب "غزوة الكادنة" و قد تسلح العديد منهم بالايمان و بأدوات الجهاد من "كلاليب" و مطارق , ثم انهالوا علينا نحن الكادنات و حاولوا فتحنا و كأنهم يفتحون القدس , فيهم حتى من كان يُجهش بالبكاء و هو ينهال عليّ بمطرقة و آخرون كانوا يصرخون و هم يقتلعون السياج بعبارات "الموت لأعداء الله" , و في النهاية انتهت الغزوة المباركة ب "فتحنا" و رمينا في النهر الملوّث و عاد جميع "المجاهدين" الى قواعدهم غانمين سالمين و سينامون اليوم و هم مرتاحوا الضمير بعد أن جنّبوا الاسلام خطر الكادنات و "الفكرونات" .

أنا الآن في قاع النهر الملوث في هذا البلد الغريب الذي يبدو ان اغلب من عرفتهم فيه من "الفارغين شغلا" , بعشاقهم و بمجاهديهم , لا احد فيهم فكر في "غزوة" للمطالبة بتنظيف هذا النهر أو نظر الى تلك المرأة التي تجلس على طرف الجسر و بالقرب منها طفلين رضيعين في انتظار صدقة , الكل يحارب في طواحينه الخيالية و يرى أنه دون كيشوت عصره , و لكن اصدقكم القول , اشعر بالراحة في قاع هذا النهر و سأعيش هنا لقرون عديدة بعيدا عن عشاق و مجاهدي الكادنات و طواحينهم .

 

نشرت في جريدة "الصوت الآخر" بتاريخ : 10/10/2013 
     

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة