Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

mercredi 1 janvier 2014

الكلوفي و الشهبندر و القرصان

بقلم :  نايت الصغير عبد الرزاق .

من منا لم يصادف أو لم يعاني و لو مرة في حياته من ظاهرة "التكوليف" التي بدأت تعرف انتشارا رهيبا في مجتمعنا , ظاهرة يتكفل بنقلها جيلا بعد جيل و "جينيا" شخص معروف اجتماعيا بتسمية "الكلوفي"  و هو في المصطلح العامي ذلك الكائن الغريب الطباع و المضحك و المثير للسخرية في كثير من الأحيان و الخطير في أحيان أخرى و الذي تجده  يحشر أنفه في كل شيء , كائن لا مهنة قارة له , ليس لأنه عاطل عن العمل بل لأنه يمكن أن يتحول لك و في جلسة واحدة من محامي الى طبيب الى مهندس ثم سياسي ثم يختم "تكوليفه" دائما ببعض المواعظ و الدروس لأن مودة "التكوليف" الجديدة هي أن تتحول الى داعية و هي اقصى ما وصلوا اليه لحد الآن في تطورهم .

أغلب "الكلوفية" تحكمهم نظرية "البيضة و الدجاجة" , ليس كما تعرفونها أنتم أي هل الدجاجة التي سبقت أم البيضة , و لكن النظرية مع كائن "الكلوفي" لديها معنى و بُعد آخر, و يدخل فيها طرف ثالث و هو الديك أو "السردوك" بالعامية و التي تقول (الدجاجة تلد البيضة و السردوك ...يتوجّع ! ) , انها الحالة المثالية للكائن "الكلوفي" ...

قبل أن نواصل في تحليلنا لشخصية "الكلوفي" , أرى أنه من الأحسن ان أقص عليكم قصة أشهر "كلوفي" يتداولها الناس هذه الايام , يُحكى أنه و في بلد معروف بعجائبه كان يعيش قرصان و رجل ثري جدا يملك أموال قارون أو تزيد و قد كان يسميه الناس الشهبندر , يُقال أنه اشترى الأرض و البحر و حتى السماء و كان يملك "جُزُرا" لا عدّ لها , و قد كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام بين القرصان و الشهبندر تحت مبدأ "عدم الاعتداء" , فقد كان الشهبندر يسمح للقرصان بالتحرك بكل حرية بين جُزره لممارسة قرصنته و كان القرصان يقوم بتأمين أساطيل الشهبندر و تجارته , الى أن جاء اليوم الذي رأى فيه كاهن الشهبندر في كرته البلورية شيئا مريبا عن القرصان , فقام بتحذير مولاه  من القرصان و قال أنه سيتحول الى خطر عليه مستقبلا , فقرر الشهبندر أن يستبق الأمور و يمنع على القرصان من التجول و التزوّد و القرصنة بين جزره , وصل الخبر الى القرصان فاستشاط غضبا و قرر أن يقرصن بالقوة "جزيرة" من جزر الشهنبدر , ليظهر شخص غريب يسمونه "الكلوفي" في ذلك البلد , لا ناقة له و لا جمل و لا حتى موزة في الصراع الدائر بين الكبار , القرصان و الشهبندر التُّجار , شعر "الكلوفي" بألم السردوك (الذي تحدثنا عنه أعلاه) و لا أحد فهم سبب هذا الألم , و قرر أن يثأر للشهبندر الذي لم يطلب منه ذلك , و يرُد للشهبندر الاعتبار من الاهانة التي تعرض لها رغم أنه لم يطلب منه ذلك ايضا و لم يستشره , ثم قام "الكلوفي" بكتابة مخطوط ضخم أعطاه لأحد أصدقائه ليعلقه في المدينة , يتوعد فيه القرصان بسوء العاقبة و يفضح و يتحدث عن جميل الشهبندر على القرصان , رغم أن الشهبندر لم يطلب منه ذلك أيضا , و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد , فقد كان "الكلوفي" يقود حملة على القرصان و من على كل منابر المملكة , و كان يصرخ في الجمع قائلا : ( أوووووو , آآآآآآآ , بابابابا , لن تمر هذه الحادثة عليك بسلام يا قرصان , لا يا قرصان , لا يا قرصان"  و لن نعيد عليكم مرة أخرى بأن الشهبندر لم يطلب منه ذلك و انما كانت مجرد مبادرات فردية من "كلوفي" سابقا و حاضرا و لاحقا.

في نفس الوقت و في أحد قصور الشهبندر كان القرصان و الشهبندر يتحادثان عن ظاهرة التكوليف التي يقودها هذا "الكلوفي" , و قال الشهبندر أنه لم يكلفه بالتكوليف باسمه و أنه محتار لماذا شعر بألم "السردوك" , ففهما أن الكلوفي يريد ربما أن يصبح واليا في جزيرة من جزر الشهبدر و قال القرصان أنه سبق له أن جربه سابقا حين استطاع أن يقنعه يوما و عن طريق التكوليف بأن يمنحه قيادة احدى سفنه و لكنه اضطر لطرده .

و يقال أن الأمور عادت الى مجاريها بين القرصان و الشهبندر بعد جلسة صلح و آخر الاخبار تقول أن الكلوفي لازال يخطب و يتوعد القرصان و يكتب على الجدران أن القرصان ...قرصان ! 
انتهت القصة , و لكن التكوليف لن ينتهي , فكما حدثتكم سابق , هناك تنوع كبير في عالم الكلوفية , هناك الكلوفي الاجتماعي و هو الذي ان تركته يتمادى في تكوليفه سيتدخل لك حتى في طريقة تنظيمك لغرفة نومك , هناك ايضا الكلوفية "الاداريون" و هؤلاء تجدهم على أبواب كل اداراتنا من بلديات و ولايات و مصالح اجتماعية و سكنية و غيرها يقترحون على الناس نصائحهم و معارفهم و تكوليفهم , هناك أيضا الكلوفي السياسي و هو ذلك الشخص الذي يدافع و يحب الزعيم أكثر من حب الزعيم لنفسه.

منذ بضع سنوات بدأت تظهر طائفة "الكلوفي" الديني و هؤلاء من وصلوا الى أعلى درجات "التكوليف" , فهم لا "يتكولفون" على البشر فقط , بل على الله سبحانه و تعالى , لا عمل لهم الا مراقبة ما يفعله غيرهم من حركات أو تصرفات يومية عادية و روتينية ليقفزوا عليك من التكوليف و يقولوا لك أن ما تفعله ليس "شرعيا" , تجدهم يهرولون وراءك من طلوع الشمس الى غروبها و من المنزل الى العمل الى المرحاض الى الأكل الى الملعب الى السوق الى الجنائز و الافراح و حتى في نومنا . 

يجب التذكير أيضا أن العلاقة بين "التكوليف" و "الشيتة" وطيدة فكلاهما تؤدي الى الأخرى .
آخر خبر : وصلنا منذ قليل خبر عاجل عن ظهور "كلوفي" جديد , و هو من نوعية "الكلوفي – البوق" و كما تعرفون فان البوق من الآلات الموسيقية , المهم أن الخبر يقول أن هذا الكلوفي يمشي في وسط الناس و يقول " يحيا الملك , يحيا الملك , يحيا الملك , يحيا الملك" , ولا زال الناس يتساءلون لماذا يكررها لأربع مرات متتالية , سنوافيكم بباقي التفاصيل في مقالاتنا القادمة.  

نُشر على موقع (الجزائر 24)
(جميع الحقوق محفوظة)

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة