و كأن الأمر قد
أصبح تقليدا و قاعدة , فلا تكاد تمر علينا بضعة أشهر إلا و نجد أنفسنا أمام خرجة
جديدة لنظام المخزن و اتهام جديد للجزائر "الشريرة" التي تحاول أن تزعزع
استقرار نظام أمير المؤمنين العادل بسبب
الغيرة و الحسد من "الرخاء و التقدم " الذي يعيشه رعاياه !
آخر خرجة , تلك القصة
عن مواطنين مغاربة تعرضوا لإطلاق نار من جنود جزائريين على الحدود , بعد أن كان
هؤلاء المواطنين "البريئين" من كل تهمة بمحاولة تهريب المخدرت و السلع و
الوقود , يمارسون "السياحة" و استنشاق الهواء العليل على خط الحدود
الفاصل بين البلدين فقط , ليشعر الجنود الجزائريين بالغيرة كعادتهم في كل مرة و
يطلقوا عليهم الرصاص هكذا فقط و لمجرد التسلية !
و تبدأ بعدها تلك
الأسطوانة المخزنية المشروخة , من استدعاء للسفير الجزائري للتعبير عن
"انشغالهم العميق " و التهديد بسحب السفير المغربي بالجزائر , بدون أن
ننسى التذكير على اصرار المخزن على وحدته الترابية في اشارة لقضية الصحراء الغربية
حتى و ان لم تكن هناك أي علاقة للحادثة بقضية الصحراء و لكنها فرصة أخرى لتجييش
عواطف الشعب المغربي و تذكيره بمحاولات الجزائر "الشريرة" لتقسيم بلده و
نهب خيراته و زعزعة استقراره ورفاهيته التي لم يكن لها أن تحدث لولا رعاية و حماية
أمير المؤمنين له .
الجديد منذ ما
يقارب السنة أن استفزازات المخزن و قصصه السريالية عن "خطورة" الجار
الشرقي قد بدأت تأخذ بعدا آخر و صارت تحدث في فترات تكون متزامنة مع احتفالات
وطنية في الجزائر , آخرهما حادثة انزال و تمزيق العلم من السفارة الجزائرية في
المغرب , و نفس الشيء يحدث هذه السنة مع قصة المواطنين "البريئين من كل
شبهة" و التي ستأخذ منحنى تصاعدي هذه الأيام لتتزامن حتما مع ذكرى أول نوفمبر
في الجزائر , و الله وحده يعلم ما الذي سيحدث هذه المرة , فهل سيكتفي أحد
المواطنين " العفويين" بإنزال و
تمزيق العلم الجزائري من السفارة أم أن الأمور ستكون أكثر "عفوية" !
الشيء الذي نحن
متأكدون منه أن اتجاه المغرب و نظريته في تفسير الظواهر الكونية بإلصاقها بتهمة
الجزائر ستزداد حدّة و تطرفا , بسبب العزلة السياسية الدولية التي يعانيها بعد أن
سحبت الجزائر البساط من تحته في قضية المصالحة في مالي رغم مناوراته لإحباطها و
انحصار نفوذه في هذه المنطقة لصالح الجزائر , بالإضافة الى الأزمات الاقتصادية
التي يعانيها بعد رفض الجزائر فتح حدودها أمام طوفان المخدرات و تشديد الحصار على
الحدود و الصحراء على طرق تهريب الكيف و السلع التي تعتبر من أهم مصادر دخل المخزن
, و لن نتحدث هنا عن قضية الصحراء الغربية التي لازالت تحقق انتصارات سياسية و
حقوقية بدعم من الجزائر التي لم تقم إلاّ بتطبيق أحد مبادئها في سياسيتها الخارجية
في حق الشعوب في تقرير مصيرها .
المخزن الذي حوّل
المغرب الى وكر لمتقاعدين فرنسيين لممارسة كل أمراضهم النفسية ببيعهم آلاف المنازل
القديمة بالدرهم الرمزي و التي حولها هؤلاء المتقاعدين المفلسين الى فنادق تحدث
فيها أمورا تشبه قصص ألف ليلة و ليلة بنسختها الأصلية , لا يتوقف عن الحديث لشعبه
عن خطر الجزائر على وحدته الترابية , المخزن الذي لم يتردد في سجن طفل جزائري
بتهمة أخلاقية مشكوك في صحتها و رفض طلب تخفيف مدة السجن , هو نفسه المخزن الذي
اطلق سراح أحد أكبر مغتصبي الأطفال في التاريخ , ذلك العجوز الاسباني الذي استفاد
من " العفو الملكي" و عاد الى بلاده تاركا وراءه أكثر من 30 جريمة
اغتصاب في حق أطفال مغاربة , و العجيب أنه مباشرة بعد عودته الى اسبانيا تم القبض
عليه بتهمة اغتصاب أطفال مغاربة !
نتساءل ايضا عن
التفسيرات التي يحاول بعض أشباه المحللين من الجانبين و هم يحاولون وضع قناع
" الحياد" بدون علم و لا دراية و تلك القصة عن أن الأمر بأكمله هو من
تدبير النظامين في البلدين و انهما متشاركان في الاستفزازات ! ... و لكن لنحاول الآن
أن نكون حياديين مثلهم و نتتبع الأحداث بمنطق , فأغلبهم لا يعلم مثلا سبب اغلاق
الحدود سنة 1994 , فالذي أمر بإغلاقها هو نظام المخزن و ليست الجزائر التي كانت
تعيش وقتها أكبر هجمة ارهابية في التاريخ , زادتها طعنات " الإخوة " في
الظهر , المخزن حينها لم يرحم جراح الجزائر و قام بغلق الحدود متهما الجزائر بالإرهاب
و هي التي كانت تكتوي بناره و تقدم آلاف الضحايا حينها , و تبدأ حينها عملية
مطاردة لكل ما هو جزائري في المغرب حيث أعطيت لهم بضع ساعات لمغادرة اراضي المملكة
و تعرض الكثير منهم للإهانات و مصادرة املاكهم , و لا ننسى تلك الحادثة الخطيرة في
محاولة استمالة أحد قادة الارهاب "العيادة" في الجزائر بدعمه لتنفيذ
عمليات ارهابية في الجزائرية , المخزن أغلق الحدود حينها و كان ينتظر انهيار
الجزائر كما كان يظن ... فمن الذي كان
يستفز و من الذي كان يدعم الارهاب حينها ؟
آخر قضية و هي
قضية انزال و تمزيق العلم الجزائري من فوق السفارة الجزائرية , لا يمكن لعاقل أن
يصدق أنها عملية "عفوية" من مواطن مغربي , و الجميع يعرف أنه يستحيل أن
تحدث مثل هذه الأمور في بلد مثل المغرب بدون أن تكون هناك رعاية سامية ... فمن
الذي يستفز في الآخر ؟
ان كان هناك من
استفزاز يقوم به الجزائريون , فهو عن طريق دبلوماسيتهم التي تعمل بهدوء و فعالية و
ذكاء و طول نفس و تحقق في كل أهدافها و ضرباتها على المدى الطويل , فقضية الصحراء
تزداد دعما دوليا , و دولة مالي عادت الى استقرارها بفضل الوساطة الجزائرية التي
قضت على نفوذ المغرب هناك , و الحدود لم تُفتح طوال أكثر من عشرين سنة رغم الضغوط
و الاستفزازات و لن تُفتح على المدى القريب
على الأقل.
المخزن لا يريد أن
يفهم ربما أن الانتصارات الدبلوماسية و الاستراتيجية ليست في قيام "شاكيرا" أو "ليدي
غاغا" برفع لافتة " الصحراء مغربية" في مهرجان موازين الذي تعادل
ميزانيته ميزانية كل مهرجانات الجزائر مجتمعة ,أو في شراء ذمم بعض الصحفيين الفرنسيين و
الامريكان للحديث عن "التطور" و "الرخاء" الذي يعيشه المغاربة
و عن خطر جينرالات الجزائر , او في
استمالة بعض الفنانين و الرياضيين الجزائريين لاستجداء بعض التصريحات منهم عن
"الصحراء المغربية بإعطائهم الجنسية المغربية
" بأمر ملكي" و الملايين التي يقبضونها من قوت الشعب المغربي ثم يعودون
الى الجزائر بعد أن استفادوا من كرم أمير المؤمنين و يقوموا بعدها بنفي تصريحاتهم !
المخزن
الذي تواصلت حالات التخبط بعد اعلانه تأجيل دورة تنظيم كأس افريقيا و التي يعتبرها
البعض طلبا مقنّعا للانسحاب من تنظيم الدورة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة و
الخوف من عمليات ارهابية بعد الأخبار التي تتحدث عن انتشار مرعب لخلايا داعشية في
المغرب في أحياء الصفيح التي يسكنها ملايين المغاربة على أطراف المدن السياحية , و
ليس بسبب تلك الحجة الواهية عن الخوف من انتشار مرض الايبولا , فان كان هناك خوف
فهو من مرض "ايبولا" الجزائر التي يعاني منها منذ عشرات السنين و التي
يبدو أنه لن يُشفى
منها !
( جميع الحقوق محفوظة)
بقلم نايت الصغير عبد الرزاق
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.