بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق .
بلداننا
تسكنها الزواحف و تحكمها الديناصورات و هذا ليس غريبا على مجتمعات لازالت تعيش
أزهى فترات العصر الحجري , لازلنا نعيش أولى مراحل "التطور" كما نص
عليها داروين و التي تتحدث عن مرحلة الزواحف التي تعشق الظلام و المستنقعات و لا
يحلو لها العيش خارجها , البعض منا تحول الى زواحف على أنواعها من ثعابين سامة و
حرباوات متلونة تتأقلم مع كل الظروف و تلبس لها حلّتها , البعض الآخر يملك عقل
السحالي و هو يستمتع بذلك , ظهرت أيضا في مجتمعاتنا فصيلة هجينة , عبارة عن خليط
متطور من الجرذان و الزواحف , فصيلة صار لها شأن كبير في السنوات الأخيرة و تحولت
الى آخر صرعات "التطور" الذي نحن فيه سائرون ...
هذا فيما يخص
القواعد الشعبية "المؤمنة" التي توقف التطور في أوساطها عند مرحلة
الزواحف و التي يبدو أن نظرية داروين قد توقفت عندها في هذه المرحلة و هي لاتريد "للزحف"
بديلا , فكلما ظهرت في أوساطها أي علامات عن "أيادي آثمة" تريد أن تسرّع
من عملية التطور لتخرج من مرحلة الزواحف و الظلام نحو عوالم و فصائل أخرى , قامت
بتطبيق "الحدود" على تلك الأيادي و قطعتها , بتهمة "الكفر"
بالفصيلة و نكران "فقه" الزواحف المقدس ...
شهادة لله ,
هناك حقيقة يجب الاعتراف بها , القواعد الشعبية للزواحف ليست ضد نظرية
"التطور" بصورة مطلقة , ففي بعض الأحيان تتغاضى عن بعض الطفرات و تسمح
ببعض "الخروقات" لبعض من فئاتها لتتحول الى... ديناصورات !
أول ميزة لهذه
الدينصورات هي أن أصولها تعود الى فصيلة الزواحف , و لكنها و في فترة تطورها و
تحولها تقتات من فصيلتها و الأغرب من كل هذا أن فصيلة الزواحف هي من يقوم باطعامها
و من لحمها و لحم أبنائها و هي تشعر بالسعادة و الايمان العميق و تعتبر عملها هذا
نوعا من "الجهاد" لأجل اعلاء حكم الديناصور المقدس , و تشجع أبناءها من
كل قواعد الزواحف الشعبية للتضحية و تقديم أرواحها فداءا لديناصوراتها التي لا همّ
لها الا سعادة زواحفها و حمايتها من كل أنواع "التطور" التي يقودها بعض
"الحاقدين" و المتآمرين على مجتمعات الزواحف السعيدة و الذين
يريدون دفعها الى "الانحلال" و الكفر بنعمة ...المستنقعات !
ميزة أخرى
لهذه الديناصورات , هي أنها تعيش عمرا طويلا جدا , ميزة تعتبرها الرعية من الزواحف
نوعا من الكرامات التي تختص بها ديناصوراتها المقدسة , و حتى و ان قدر الله و مات
أحد الديناصورات فالزواحف لا تقبل بغير أبنائه ليحمل "الرسالة" من بعده
, فالزواحف تعرف جيدا قدرها و لا تتطاول على "المقدسات" الديناصورية و
لاتتجرأ حتى على التفكير في خلافتها , فذلك أقرب الى الكفر الديناصوري و هي أعلى
خطيئة في مجتمعات الزواحف .
الديناصورات
ليست على تلك الدرجة من التكبر التي يعتقدها البعض في مجتمعات الزواحف السعيدة ,
فهي تتواضع في الكثير من الأحيان و تتواصل مع رعيتها و تستمع اليها و تنزل اليها
لتطمئن على أحوالها ثم لتختار بعضا منها ...لتأكلها ! , فنظرية التطور و الدورة الغذائية جعلت من هاته الزواحف مصدر رزق الديناصورات
الوحيد و من حقها أن تختار منها أسمنها و ألذها , فهذه هي "الشريعة" في
بلاد الزواحف و عليها أن تقبلها , فلا أحد يتجرأ على الكفر بالشرائع خوفا من
العقاب بالعودة الى زمن الانفجار الأعظم أو أن تسقط عليه أحد الشهب النارية.
يحدث
للديناصورات أن تجعل فئة معينة من الزواحف من المقربين اليها , و هي تفضل خاصة
فصيلة الثعابين و الحرباوات لتكون وسيطا بينها و بين باقي الزواحف , و مع مرور
الأزمنة أصبح لهذا النوع من الزواحف مكانة خاصة بين الفصيلتين , فهي من تجعل من
عمر الدينصورات طويلا و تؤمن لها غذاءها , و هي من تنشر الطاعة و السعادة و فقه
المستنقعات في أوساط الزواحف و هي من تقوم بمحاربة أي نوع من "الانحلال"
و رغبة بعض الفئات "الضالة" من الزواحف برفع التجميد عن عجلة التطور للانتقال
الى فصيلة أخرى غير الزواحف , و لكن و من حسن حظ شعوب الزواحف أن الديناصورات قد
تكرمت عليها و انشأت لها هاته الفئة من الوسطاء بينها و بين رعيتها لتقيها من شر
دعاة "التطور" و الابتعاد عن رفاهية المستنقعات نحو الضلال و الخروج عن
طاعة الديناصور و العياذ بالله !
فئة الوسطاء
هاته بين الديناصور ورعيته , لديها طريقتها في جعل مجتمع الزواحف مطيعا و راضيا و
سعيدا , فهي لاتنكر أبدا أصولها و انتماءها للزواحف على العكس فهي تتباهى بذلك و
تزداد فخرا لأنها تقوم بخدمة الديناصور و الزواحف على حد سواء و لا تريد جزاءا و
لا شكورا باستثناء بعض العطايا التي يتفضل بها المؤمنون من الزواحف ليحصلوا على
البركة , أصولها الزاحفة و مكانتها الحالية جعلت منها تكتسب بعض الكرامات , فهي
تبيض بصورة مذهلة و بكميات اسطوية و تنشر بيوضها تلك في وسط مجتمع الزواحف لتستعين
بها في "هداية" الرعية ...
يحدث من الحين
و الآخر , أن تصل بعض الأخبار في أوساط الرعية تتحدث عن مخلوقات شريرة و ضالة ظهرت
في مجتمعات لم يتم فيها تجميد مسيرة "التطور" , أخبار مغرضة لا يتوانى
"الوسطاء" و "بيوضهم" أن يكذبوها و يحذروا الزواحف من مثل هاته
النظريات الخطيرة التي تأتي من مجتمعات أصيبت بالتشوه و الشذوذ العقلي و الأخلاقي
بعد أن رفعت التجميد عن مسيرة التطور و العياذ بالله ...
شهادة لله ,
بعد كل حملة "توعية" , تستجيب الزواحف كالعادة و تبدأ حملات التفتيش في
أوساطها لايجاد كل مندس متأثر بأفكار مخلوقات ما بعد الزواحف , و بعد كل عملية
تفتيش و بعد القبض على المندسين , تعود الزواحف الى مستنقعاتها كالعادة و هي تصرخ
في وجوه أعداء فقه الزحف ...موتوا بغيضكم !
بعد مرورملايين
السنين , لازال الوضع على حاله , و سنحكي لكم بقية القصة على حلقات و بلغة العصر قريبا ...
(كل الحقوق محفوظة)
و ان كنت اختلف معك في بعض الطروحات....ولكن كتاباتك تثلج صدري .................
RépondreSupprimer