أنا متأكد
الآن أن أجدادنا من الكراسي الأوائل لم يكونوا ليتصوروا أن فصيلتنا ستصل الى كل
هذا الاهتمام و الأهمية بين بني آدم , عشق يكاد يصل الى درجة الهوس و العبادة , لا
يتوانون عن ارتكاب أبشع الجرائم من قتل و سرقة و كذب و احتيال للوصول الينا
و الجلوس علينا و التشبث بنا أطول مدة ممكنة الى أن يرث الله البلاد التي يحكمونها و من عليها, يحبوننا أكثر من آبائهم و ابنائهم , تحضرني الآن تلك القصة التي حكاها لي "كرسي" صديق , عن ذلك الرجل الذي انقلب على والده و أدخله السجن فقط ليجلس على أحد "زملائنا" هناك , و الغريب أن هذا الرجل قد أصبح اليوم يتحكم في العديد من بني جلدتنا ...عفوا من "بني خشبنا" , يوزعنا كما يشاء ...
و الجلوس علينا و التشبث بنا أطول مدة ممكنة الى أن يرث الله البلاد التي يحكمونها و من عليها, يحبوننا أكثر من آبائهم و ابنائهم , تحضرني الآن تلك القصة التي حكاها لي "كرسي" صديق , عن ذلك الرجل الذي انقلب على والده و أدخله السجن فقط ليجلس على أحد "زملائنا" هناك , و الغريب أن هذا الرجل قد أصبح اليوم يتحكم في العديد من بني جلدتنا ...عفوا من "بني خشبنا" , يوزعنا كما يشاء ...
أصدقكم القول
أننا نحن فصيلة الكراسي و في الكثير من الأحيان, نشعر بالحياء و تأنيب الضمير من
أفعال البشر , رغم أننا نعرف أنه لا ناقة لنا و لا " بول بعير" في كل ما
حدث و ما يحدث و سيحدث بسببنا , فمجرد التفكير أن كل تلك الجرائم التي يرتكبها "الجالسون"
علينا عبارة عن جرائم "عاطفية" بسبب العشق و الحب و الغيرة التي تصيبهم
لأجلنا , يجعلنا نستحي من الانتماء لفصيلة الكراسي و نندم على اليوم الذي خُلقنا
فيه ...
لست متعمقا
كثيرا و لا عالما بأمور التاريخ و لا أستطيع أن أُجزم بالتحديد عن الفترة الزمنية
التي ظهر فيها جدنا "الكرسي الأول" على وجه الأرض , و لكن و حسب بعض
الروايات "الكرسية" المتداولة , يُقال , و العهدة على القائل أن ظهور
أول كرسي في التاريخ كان بعد زمن قليل فقط من ظهور آدم و حواء , و هناك من يقول
أنها بضعة أجيال فقط بعد خلق البشر , فبالعودة الى كتاب الكراسي المقدس الذي لا
يختلف كثيرا عن كتب البشر , نجده يقول ( في البدأ كان البشر و ظهر ابليس , ثم جاءت
الكراسي ) و هذا ما يفسرأننا ظهرنا مباشرة بعد بداية تعامل ابليس مع بني البشر … كما أن هناك
رواية أخرى تقول أننا (خُلقنا من
"عقل" أعوج ) ...
رغم أن
علاقتنا مع بني آدم قد ساءت كثيرا منذ أن بدؤوا بالتعامل مع ابليس للجلوس علينا ,
الا أننا لا ننكر أبدا أن ابن آدم كان السبب الرئيسي في وجودنا و أنه هو من
اخترعنا و لازلتا نحترمه رغم كل ما فعله , و لسنا نعرف بالتحديد متى و من اخترعنا
, رغم أن هناك العديد من الأساطير و الروايات التي يتداولها مؤرخوا الكراسي عبر
التاريخ و لكن أغلبها غير موثوقة و لن نستفيض في سردها , و لكن الرواية الأقرب
للحقيقة و التي يتداولها جميع الكراسي بمختلف مستواياتهم هي تلك التي يحكيها مؤرخ
الكراسي الكبير , العالم "ابن كرسون" و الذي يتحدث عن أن علاقة البشر مع
الكراسي في بداياتهم كانت جيدة و لم تكن الكراسي في الأزمنة الغابرة بكل هذا
التنوع , فقد كان لكل بشري كرسيا من حجر يستعمله فقط للراحة من تعب يوم حافل
برحلات الصيد و الهروب من الديناصورات , و بعد مرور مئات من السنين , حدثت مجاعة ,
جعلتهم يتقاتلون على الطعام و لم يكن يحصل على ما يسد الرمق الّا الأقوياء و الأشداء
و المحتالين منهم و الذين قرروا أن يحتفظوا بالحصة الأكبر من الطعام لهم و
لأقربائهم , ثم حدثت صراعات أخرى بين الأقوياء للسيطرة على الطعام , ليتمكن في
الأخير فرد واحد منهم من التحكم في كل مصادر الرزق بسبب قوته و بطشه و وحشيته , و
لتخضع له كل اقبيلة فيما بعد و تصنع له كرسيا فاخرا من الجلد و عظام الديناصور , ليتكرم
عليها ببعض الفتات من مخازن الطعام التي يمتلكها , و كان هذا أول ظهور لجدنا
"الكرسي الرئاسي" الأول في التاريخ و الذي كان سببا في سوء علاقتنا مع
البشر ...
ثم يواصل
مؤرخنا "ابن كرسون" قصته و يتحدث عن ثاني كرسي فاخر ظهر في تاريخنا ,
ففي نفس القبيلة التي كنا نتحدث عنها , كان يعيش رجل غريب الأطوار , كلامه عبارة
عن طلاسم غير مفهومة و كان يتحدث دائما عن قرب نهاية العالم و بالعقاب لكل أهل
القبيلة و أنه سيكون المخلّص و المنقذ من
سوء العاقبة لكل من اتبعه , و كان أهل القبيلة يتجاهلونه , الى أن جاء يوم كانت كل
القبيلة مجتمعة فيه و يحدث فجأة كسوف للشمس و يعم الظلام و يصاب الناس بالذعر ,
ليظهر الرجل الغريب الأطوار و يقول لهم أنه قد سبق له أن حذرهم من العقاب و لكنهم
لم يسمعوه , و أن الشمس قد غضبت و ذهبت و لن تعود , ثم قال أنه يمكنه استرضاءها و
اعادتها و بدأ بتمتمة بعض من تلك الطلاسم التي عودهم عليها و ولتحدث المعجزة و
تعود الشمس ...و منذ ذلك اليوم ظهرت فصيلة جديدة من أجدادنا... "الكرسي المخلّص"
, و لتقوم القبيلة بوضع "الكرسي الرئاسي" بجانب "الكرسي المخلّص"
, الأول للتحكم في أرزاق البشر و الآخر لحراسة الشمس .
كانت هذه
الرواية التي نراها الأقرب للحقيقة عن بدايات ظهور أجدادنا الكراسي و كيف بدأت
تظهر فروع و أصناف منها و علاقاتها مع البشر , طبعا حدثت الكثير من التغييرات و
لكن المبدأ و الهدف بقي ثابتا و لم يتغير الى يومنا هذا ....
... يُتبع
(كل الحقوق محفوظة)
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.