Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

vendredi 6 juillet 2012

روسيا تفجر مجلس اسطنبول


سبق أن تحدثنا في تحليل سابق عن الإستراتيجية و النظرة الروسية للأزمة السورية و قلنا أن كل الحملات الدعائية و بالونات الاختبار التي يطلقها البعض من حين لآخر و التي تتحدث عن تغير وشيك في الموقف الروسي ليست في الحقيقة إلا عمليات رفع لمعنويات ما يسمى المعارضة أو مجلس اسطنبول و تلك العصابات المسلحة التي يدعوها البعض  "الجيش الحر" . روسيا لن تغير موقفها لسبب بسيط , الأزمة السورية أصبحت مسألة أمن قومي لروسيا , و المصير أصبح مشتركا , إن سقطت سوريا في يد جماعات القاعدة و كتائب الطليعة الاخوانية , سيكون الزحف القادم على تخوم الإمبراطورية الروسية لإسقاطها .
" اقرأ تحليلنا السابق روسيا و الأزمة السورية ... مسألة حياة أو موت "
 

روسيا اليوم ليست تلك الدولة الضعيفة التي كانت تكتفي بالدفاع و بالتنازلات , روسيا انتقلت إلى مرحلة جديدة من إستراتيجيتها في المنطقة , دبلوماسيتها أصبحت شرسة و هجومية و خاصة في الملف السوري , روسيا أصبحت الآن اللاعب الرئيسي في الأزمة , أخلطت كل الأوراق , و هي الآن من يقوم بتوزيعها و بشروطها  و اجتماع جنيف الأخير أثبت ذلك .

رغم بعض التحليلات المتشائمة من بيان مؤتمر جنيف , إلا أنني أرى فيه انتصارا آخر للدبلوماسية الروسية , حيث كانت من أبرز نقاط هذا البيان , الحديث عن احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية  ووضع حد للعنف من الطرفين في إشارة واضحة إلى الإرهاب المعنوي و الجسدي الذي تمارسه الجماعات المسلحة المسماة "الجيش الحر" ضد السكان , لأول مرة يتم الاعتراف رسميا بوجود هذه المجموعات و في قمة على أعلى مستوى , فقد كان الحديث دائما عن "عنف" الجيش العربي السوري متناسين عمليات التفجير و الذبح اليومية و التي جعلت الجيش السوري في موقف الدفاع عن الوطن و المواطنين , "عنف" شرعي تمارسه أي دولة يتعرض أمنها للخطر ولا مجال لمقارنته بالجماعات المسلحة التي تتلقى دعما خارجيا هائلا عدة و عتادا من دول الخليج و تركيا خاصة.

البيان الختامي تحدث أيضا عن ضرورة ممارسة ضغوط من الدول المؤثرة على كل أطراف الأزمة لوقف كل أشكال العنف من أي جهة كان , لا نحتاج لأن نكون عباقرة لنلاحظ كذلك أنها أول مرة يتم فيها الاعتراف بأن هناك دولا "مؤثرة" تدعم أطرافا في عنفها  و الإشارة هنا واضحة إلى قطر و تركيا و الدور الذي تلعبه في دعم الجماعات الإرهابية بأحدث أنواع الأسلحة و التجهيزات و مئات الملايين من الدولارات , و الحديث عن هذا الموضوع في البيان الختامي يعني و بما لا يدع مجالا للشك اعتراف أمريكا رسميا تحت الضغط الروسي و الصيني بوجود هذه الجماعات الإرهابية , وهي خطوة كبيرة و ذكية نفذها الروس و الصينيون لتعرية هذه الجماعات أمام الرأي العام العالمي و هو ما بدأ يحدث بالفعل فقد صرنا نلحظ تغيرا في موقف الكثير من الدول و على رأسها ألمانيا التي يبدو أن تقريرا صحفيا ميدانيا واحدا لأحد أشهر قنواتها التلفزيونية عن الوضع في سوريا و عن العنف و الفضائع  الذي تمارسه الجماعات الإرهابية في سوريا قد غير موقف الشعب الألماني و حكومته.

السياسة الروسية الآن تهدف الى خلق اطار جديد لحل الأزمة السورية بعيدا عن تلك "المبادرات" المشكوك فيها و العبثية و التي لم تزد الأزمة الا تأزما , و قد تمكنت من ذلك و بشكل كبير , لم نعد نرى لا وزير خارجية قطر و لا أردوغان و هما يتنطعان على المنابر يهددان و يتوعدان , فكل ذلك أصبح من الماضي , و اللعب الآن أصبح بين الكبار . 

أول خطوة في الإستراتيجية الروسية و حليفتها في الملف الصين , هي تقزيم دور ما يسمى "أصدقاء سوريا" و لما لا القضاء عليها نهائيا , هذه الهيئة التي لم يكن لها من هم الا البحث عن مصادر تمويل و تسليح  للجماعات الإرهابية المسلحة و لمجلس اسطنبول لإيوائهم في أفخم الفنادق الباريسية و التركية .

مؤتمر "أصدقاء سوريا" مات إكلينيكيا و بيان مؤتمر جينيف الأخير كان آخر مسمار يدق في نعشه , كل نقاط البيان الذي خرج به المؤتمر متناقضة تماما مع سياسة و أهداف ما يسمى  "أصدقاء سوريا" , لتواصل روسيا عملية التفكيك و تعلن أنها لن تشارك في مؤتمره القادم في باريس , و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد , فقد أعلنت الصين بأنها لا تعترف بجماعة "أصدقاء سوريا" و بأنها لن تشارك في اجتماعه القادم , ضربة قاصمة !

ذكاء بوتين و الدبلوماسية الروسية, ظهرت بوضوح في أحد بنود بيان مؤتمر جنيف , الذي كان بمثابة السم في الدسم لجماعة مجلس اسطنبول , البند الذي يتحدث عن ضرورة توحد كل فصائل المعارضة تمهيدا لدخولها في حكومة وحدة وطنية !  

الروس يعرفون جيدا مكونات هذه "المعارضة" فأغلبها عبارة عن مرتزقة يعملون وفق أجندات خارجية  , و لا هم لهم إلا جمع الأموال و الظهور الإعلامي على القنوات و الصحف , فيكفي أن تعرض عليهم ما هو أكثر إغراءا من كل هذا ...حكم سوريا في إطار حكومة ائتلافية , لتراهم يتقاتلون و يتصارعون فيما بينهم من أجل المناصب و يظهروا على حقيقتهم , و هذا ما كانت تبحث عنه روسيا بإدراج هذه النقطة في بيان جينيف !

بعد أن استطاعت إفراغ مؤتمر "أصدقاء سوريا" و تقزيم دور قطر, روسيا تريد الآن تفجير ما يسمى "المعارضة" أو مجلس اسطنبول من الداخل و فضحها و هذا ما حدث بالفعل في مؤتمر القاهرة للمعارضة منذ يومين  , و الذي كان من أهدافه توحيدها و تعيين ممثلين لها تمهيدا لانضمامهم للحكومة السورية الائتلافية , كما نص عليه بيان جينيف...و كانت الفضيحة  !

تسريبات صحفية من كواليس مؤتمر القاهرة , تحدثت عن "معارك" وصلت حد الاشتباك بالأيدي و اللكمات بين "المعارضين" !! , مؤتمر وحدة , تحول إلى عمليات "انشقاق" و تقسيم في صفوف مجلس اسطنبول , حتى أن أحدهم قال وهو يبدي سخطه عن استبداد بعض أطراف مجلس اسطنبول  "أنه إذا كانت هذه هي الديمقراطية , فمرحبا ببشار الأسد" , تصريح مثل هذا يختصر و في جملة صغيرة , تفكير هذا النوع من "المعارضة" المأجورة التي  لا يهمها خراب وطنها اذا تعلق الأمر بالاقتتال على الغنائم و المناصب .

"معارضة" خرجت ببيان "سريالي" يتحدث عن ما بعد الأسد , عوض الحديث عن موضوع اجتماع القاهرة الذي كان هدفه توحيد هذه المعارضة , تجنبا لانفجارات و فضائح كبرى كانت ستحدث في حالة الاصرار على الحديث عن توحيد المعارضة كما نص عليه مؤتمر جينيف  !

مجلس اسطنبول سيكتفي و كعادته بحضور "جلسات السمر" الباريسية في مؤتمر أصدقائه , و سنسمع تلك الأسطوانة المشروخة عن الحظر الجوي و الممرات الانسانية و البند السابع و التدخل الأجنبي , ثم الالتقاء في الكواليس لاستلام الشيكات و قضاء بقية السهرة في أفخر المطاعم و الكازينوهات الباريسية .

في الداخل السوري , أول نتائج مؤتمر جينيف هو إعلان ما يسمى "الجيش الحر" أنه لم يعد يعترف بمجلس اسطنبول و اتهامه بالعمالة ...للنظام ! , تصريح يثبت بوضوح حالة التخبط  و الضياع الذي أصبحت تعيشه "المعارضة" بفرعيها المسلح و السياسي , فمن معارضة سياسية مأجورة إلى "جيش حر" ليس في الحقيقة إلا عبارة عن جماعات إرهابية سلفية تدعمها السعودية , و اخوانية برعاية قطرية بالإضافة إلى مجموعات من المجرمين و قطاع الطرق "المستقلين" !, لا هدف لها إلا إشاعة الفوضى و الخراب و الموت و لا يمكن لأحد أن يتحكم فيها إلا ...بدفع الأموال !

الانتقال من حالة الدفاع الى الهجوم الديبلوماسي الذي تبنته روسيا و سوريا , كان من أبرز نتائجه اسقاط الطائرة التركية...و بدم بارد ! , فضيحة أخرى لدركي أمريكا في المنطقة أردوغان , الذي أثبتت الوقائع أنه ليس الا طبلا فارغا مهمته احداث الضجيج في المنطقة , لا يجرؤ حتى على الرد بدون أن يرجع الى أسياده , حتى صرخته "وا أطلسياه" لم تنفعه و اكتفى حلفاؤه في اجتماع الناتو بالقول أنهم ضد التصعيد , و نصحوه في الكواليس بأن يسكت و يبلع الحبة ...كعادته , و هو المتعود على مثل هذه الشطحات الإعلامية , فكلنا يتذكر حادثة الباخرة التركية لما داست إسرائيل عليه و قتلت له العديد من المواطنين الأتراك , ليقيم الدنيا و يقعدها بصرخاته الفارغة التي بدأنا نتعود عليها الآن و النتيجة...إسرائيل اليوم هي المتعامل التجاري الأول مع تركيا في المنطقة , و السواح الإسرائيليون بالآلاف في تركيا ...هذا هو أردوغان الاسلاموي دركي أمريكا , مجرد كلام فارغ لا يقوى حتى على حماية مواطنيه و الثأر لهم .

الاستفزازات السورية و الروسية لأردوغان و حلفائه تتواصل , صرنا نسمع يوميا عن اقتراب المروحيات السورية من الحدود التركية و هي تطارد الجماعات الإرهابية , و سنسمع قريبا عن اختراقات للحدود التركية و لن يتجرأ أردوغان على فعل شيء لأن الأمر ليس بيده , اللهم بعض التصريحات الإعلامية كعادته !

حادث آخر , مر مرور الكرام رغم أهميته و رمزيته , قصة "الشهب" التي ظهرت في سماء سوريا و الأردن و لبنان و حتى تركيا , و التي لم تكن في الحقيقة إلا تجارب لأسلحة و صواريخ روسية حديثة , رسالة فهمها جيدا أردوغان الذي اكتفى باسترجاع خوذتي قائدي طائرته التي أسقطتها سوريا , و سكت عن الكلام المباح !

الأكيد أن السياسة الروسية في المنطقة و في الملف السوري خصوصا قد تغيرت كثيرا منذ بضعة أشهر , أصبحت أكثر هجوما و استفزازية للغرب , روسيا تريد إعادة تشكيل المعادلة الآن على أسس صحيحة , بإبعاد تلك المعارضة المأجورة المسماة مجلس اسطنبول و التي لا تمثل إلا نفسها , و بإدخال أطراف جديدة و شريفة من معارضة الداخل التي تعيش وسط الشعب السوري و العمل على حل سياسي يقرره الشعب السوري وحده .

الروس و الصينيون يعرفون جيدا أن تلك المعارضة المأجورة ليست في الحقيقة إلا عائقا نحو حل سياسي سلمي , يجب إبعادها من الساحة و تفكيكها و مؤتمر جينيف كان أول خطوة و "طعم"  في هذا المسار , أول انفجار داخلي حدث في مؤتمر القاهرة...و الأيام القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت , و الانفجارات !    




0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة