بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق
سبق و أن تحدثنا و
من على هذا الموقع و في مقالات عديدة عن الأزمة السورية و منذ بداياتها , أزمة
تحولت مع مرور الوقت إلى هجمة إرهابية عالمية متعددة الجنسيات على شعب أعزل مسالم
كان همه الوحيد لقمة عيشه و بناء دولته و العمل على تحسين ظروفه السياسية و
الحقوقية , شعب وجد نفسه فجأة ضحية لعبة و مؤامرات و تحالفات شيطانية رأس حربتها
قوى امبريالية صهيونية رجعية أعرابية لم يكن لها من هدف إلا تدمير الحضارة و الأمة
السورية التي أصبحت شوكة في حلق قوى تدميرية ظلامية عاثت في الإنسانية و المنطقة
خرابا .
قلناها سابقا و في
العديد من التحليلات السابقة و منذ أكثر من سنة , سوريا لن تسقط و بشار الأسد باق
في منصبه إلى غاية نهاية عهدته , في وقت كانت فيه الجملة الأكثر تداولا في الأوساط
السياسية و "محللي" الفضائيات و منابر الوهابية و الإخوان تقول أن
" أيام بشار الأسد باتت معدودة" , حتى أن إحصائيات الكثير من المواقع
تقول أنها كانت الكلمة الأكثر تداولا سنة 2012 , فلتصبح "محللا" أو
"مؤمنا" , عليك أن تكررها في كل مقام و مقال و ستزداد حظوظك للظهور على
القنوات و المنابر !
الثبات و المقاومة
التي أظهرها الجيش و النظام السوري أذهلت العالم , المعروف تاريخيا و علميا أنه يستحيل على أي جيش في العالم أن يصمد في حرب
تحولت إلى كونية , بدون أن يكون له دعم واسع من القاعدة الشعبية , عشرات الآلاف من
"الجهاديين" من كل جنسيات العالم أغلبهم مجرمون و مرتزقة و حثالات بشرية
لفظتهم مجتمعاتهم تحولوا إلى "جيش حر" و ميليشيات تابعة للقاعدة يشكلون فيها أكثر من ثمانين في المائة من
"الثوار" , "ثورة" أصبح فيها السوريون ... أقلية !
لا أحد ينفي أن
هناك بعض الفئات من المجتمع السوري انجرّت في بداية الأزمة و عن حسن نية وراء ما
يسمى الثورة , ولكن الأحداث و انكشاف المؤامرة على بلدهم جعلتهم يغيّرون نظرتهم أو
يلتزمون الحياد على الأقل , خاصة بعد أصبحت القلوب و الأكباد تؤكل نيّئة و على
المباشر ....و بالتكبير الممل !
تحدثنا أيضا و
قلنا أن سوريا هي مركز ثقل العالم , لاعتبارات سياسية و اقتصادية و ثقافية و دينية
و جيوستراتيجية , سيطول بنا الحديث إن حاولنا سردها ( ندعوكم لقراءة مقالاتنا
السابقة على الموقع) , و أن أي محاولة لزعزعة هذا التوازن سيكون له توابع على
العالم بأسره و ليس المنطقة فحسب , وهو ما يحدث حاليا و خاصة بعد الانتصارات
الكبيرة و المتتالية التي حققها الجيش السوري و التي غيرت كل المعادلات و الحسابات
السابقة , لتتوالى بعدها الارتدادات على كل المنطقة في انتظار وصولها إلى أبعد
نقطة يمكن تصورها ...واشنطن !
زلزال
القصير
سقوط مدينة القصير
يمكن اعتباره أهم منعرج في الحرب العالمية الإرهابية على سوريا , الإصرار الكبير
من المعارضة و داعميها على البقاء في هذه المدينة جعل الكثير يتساءل عن السبب و
خاصة بعد تصريحاتهم المطمئنة باستحالة سقوط المدينة "القلعة" بيد الجيش العربي السوري , لينتهي بهم الأمر و
هم يغادرون المدينة في جنح الظلام هربا من شراسة الجنود السوريين , لم تنفعهم
ملايير الخليج و لا الأسلحة و الآليات الإسرائيلية التي تم اكتشافها من هزيمة
نكراء مُذلة لهم و لأسيادهم , هزيمة كانت نقطة فاصلة و ستتلوها هزائم أخرى أكيدة ,
حتى مع وعود الدول الغربية و مشيخات الخليج بدعمهم بأسلحة "نوعية" بعد
فضيحة القصير لن ينفعهم , العد التنازلي لهم و لداعميهم بدأ و بسرعة لم يكن
ينتظرها أكثر المتفائلين من ضباط الجيش العربي السوري .
زلزال القصير لم
تكن تأثيراته داخلية فقط , بل امتدت و بسرعة إلى كافة المنطقة المحيطة بسوريا ,
كأول مرحلة في انتظار ما هو أبعد ... ارتدادات امتدت إلى قطر و تركيا و مصر و إلى
التنظيم الدولي للإخوان الحليف و كل فروعه في العالم .
نهاية
نعجة
لسنا نحن من أطلق
عليه هذه التسمية , بل هو من أطلقها على نفسه بنفسه , هو الذي وصف نفسه و
"زملاءه" في جامعة الأعراب بالنعاج ... ولقد صدق !
القصير هي من دقت
آخر مسمار في نعش زعامته لجامعة النعاج و لدويلته , الأوامر جاءته بأن يترك كرسيه
لابنه , و أن يأخذ معه وزير خارجيته معه و هو يغادر القصر , فقد أثبت عجزه في
تحقيق الأهداف التي وضعوها له , إسقاط النظام في سوريا و دعم جماعات الإخوان ماديا
للوصول إلى السلطة و المحافظة عليها ,
أهداف بدأت تبتعد شيئا فشيئا , وقد جاء دوره ليبتعد !
أردوغان
...بداية النهاية ؟؟
"تقسيم"
هي من ستقصم ظهر التيار الاسلاموي الاخواني في تركيا , أردوغان بدأ يشعر أيضا
بارتدادات انهيار كل آماله و مخططاته في سوريا , آلاف المحتجين بدؤوا يتحركون و
بصورة يومية في كل الميادين التركية مطالبين حليف القاعدة و ممولها و مسلحها
بالتنحي من رئاسة حكومة أقوى نظام علماني في التاريخ , لم يكن يتصور الشعب التركي
أن يأتي عليه يوم و تصبح أرضه مرتعا لمعسكرات القاعدة التي تقتل جيرانهم في سوريا
و أن يحكمهم رئيس حكومة يتحدث بلهجة طائفية خطيرة ستعود تبعاتها على المجتمع
التركي المتعدد الأعراق و الطوائف و الأديان , للصبر حدود و لن يجدوا أفضل من هذه
الفرصة بعد ظهور ملامح عن نهاية الدعم السياسي و الاقتصادي الغربي له .
الحالة التركية
خاصة نوعا , لا يمكن إسقاط الحكومة بالمظاهرات الحاشدة , و لكن هذا النوع من
التعبير الحاشد و المتواصل سيستنزف حكومة أردوغان شيئا فشيئا و سيتم تعريتها أمام
الرأي العام الداخلي و الخارجي , و الباقي ستتكفل به الانتخابات القادمة التي
ستعلن نهاية هذا التيار الحليف للصهيونية و الذي يتباهى بقطف ثمار اقتصادية أنجزها
سابقوه و بدعم أمريكي بلا حدود ... انتهت الأردوغانية في تركيا و السبب ...
سوريا !
نهاية
مُرسي و حلم الكرسي
مباشرة بعد شعوره ببدء العد العكسي له و لجماعته , حاول أن ينقذ ما يمكن إنقاذه
بإعلانه تنظيم أكبر مؤتمر "إرهابي" عالمي لدعم "الجهاد" في
سابقة خطيرة و فريدة في التاريخ , رئيس دولة كبرى مثل مصر يجمع حوله أكبر الإرهابيين
المتقاعدين و الذين لازالوا في "الخدمة" يدعو فيه أبناء مصر و المسلمين
للذهاب "للجهاد" في دولة مسلمة أخرى , رئيس دولة يتحدث بلهجة طائفية من
القرون الوسطى و يقول عن رئيس دولة أخرى بأنه
"رافضي" و كأنها تهمة يعاقب عليها القانون الدولي ! , كل ذلك لم ينفعه ,
الوقت كان قد فات و قد حان موعد كشف الحساب الذي لم يكن كما تمناه الأسياد !
الشعب المصري الذي
خرج في ثورته السابقة مطالبا بالعيش و الحرية و العدالة الاجتماعية , وجد نفسه
أمام مخلوقات غريبة تتحدث له عن رضاع الكبير و زواج الصغير و شرب بول البعير , شعب
وجد نفسه أيضا محكوما من رئيس غريب الأطوار يُصاب بحالات "هرش" أمام
رئيسة وزراء أستراليا و يتحدث لغة غريبة لا يفهمها إلا هو و أهله و عشيرته ,
بشهادة المصريين كانت سنة حكم الإخوان السنة الأكثر سوادا في تاريخ مصر , و قد أعلنوها
بخروج الشعب المصري عن بكرة أبيه إلى الشوارع مطالبين بخروج هذا
"الكارثة" !
الأكيد أنه لولا
رفع الدعم القطري عن هذه الجماعة لما حدث ما حدث , فالمعروف عن هذه الجماعة أنها
تستقوي و تستمد دعمها دائما من الخارج و من القوى المعادية للبلد الذي تعمل فيه .
لن نتحدث كثيرا عن
تبعات أخرى "للزلزال " السوري على المنطقة و التي جعلت الآن من حزب الله
قوة جهوية يُحسب لها ألف حساب , بالإضافة إلى اختفاء ظاهرة ما يسمى
"الأسير" و ازدياد النفوذ الإيراني .
الأزمة السورية
كانت أيضا السبب الرئيسي في عودة الدب الروسي إلى الواجهة و بقوة و صلابة مذهلة ,
جعلت منه ندا عنيدا للولايات المتحدة الأمريكية .
كنتيجة , يمكننا
القول أن كل الحسابات الغربية و الأمريكية في المنطقة سقطت سقوطا حرا , و أحجار
"الدومينو" تتهاوى الواحدة تلو الأخرى , باختصار سوريا غيّرت العالم !
(كل الحقوق محفوظة)
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.