بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق
تصوروا لو تم
تنظيم استفتاء و سبر آراء عالمي لكل الأنظمة و الدول و السلط الموجودة على سطح
الأرض و كان موضوعه عن رأي تلك الأنظمة في طبقتها السياسية المعارضة و نظرتها لها
, أنا شبه متأكد أن النظام في الجزائر سيكون متصدرا لقائمة الدول التي تشعر
بالراحة من "معارضتها" , راحة تكاد تصل درجة الاعجاب و الحب في أحيان
كثيرة , النظام الجزائري يشعر أنه محظوظ بامتلاكه لمعارضة فريدة من نوعها في
العالم , و هو يقوم برعياتها و السهر على احتياجاتها... و لن يرضى بغيرها بديلا !
السُّبات الشتوي الخماسي
من أشهر صفات
المعارضة عندنا , انها بالاضافة الى مهنة "المعارضة" , فهي تتمتع بخاصية
حيوانية أو بالأحرى عند بعض الفصائل من الحيوانات , انها ظاهرة "السبات
الشتوي" و التي تصيبها بحالة من النوم العميق و شتاء "سياسي" فتتحول
الى كائنات "سبوتة" , مع اختلاف جوهري عن عالم الحيوانات حيث أن
"شتاء" المعارضة عندنا طويل و طويل جدا و يصل في بعض الأحيان الى خمس
شتاءات متواصلة بالتمام و الكمال , لتستيقظ فجأة و تعود لها الروح و الحيوية مع
حلول كل ربيع انتخابي , مع العلم أنها في
أغلب الأحيان تجد صعوبة كبيرة في الاستيقاظ من سباتها و تحتاج
لمساعدة..النظام !
اللفيف الأجنبي
و هو فصيل لا
يمكنه ممارسة المعارضة الا من الخارج , و الغريب في هذا الفصيل أنه على عكس كل
معارضات العالم , يجعلك تشعر أن بلدك تعيش الحرب العالمية الثالثة و لا هدف لهم
الا اعطاء اسوأ و ابشع صورة عن الجزائر بحق أو عن غير حق في اغلب الاحيان , و
تصوير أنفسهم أنهم مطاردون و مهددون رغم أن لا أحد يعيرهم اهتماما , لسبب بسيط ,
فكلما صدقهم البعض في قصص ملاحمهم الاغريقية , كلما ازدادت حظوظهم في تجديد ...
بطاقة اقامتهم في لندن أو باريس !
أتذكر قصة
أحدهم كان معروفا بعلاقاته مع فصيل ارهابي , بقي لأشهر طويلة يعلن على صفحته أنه
قد قرر العودة الى الوطن ليواصل "نضاله" و يتحدى النظام على أرضه , و بعد أن عاد الى "وطنه"
لم يجد أحدا بانتظاره , لا شعبا و لا نظاما و لم يسمع به أحد , و بعد زمن قصير ,
قرر أن يعود الى لندن , لأنه اكتشف أن "النضال" في البلد "ما يوكلش
الخبزة"
المطاردون
و هذا صنف آخر
, لا يمكنه أن يعود الى البلد ليس بسبب مواقفه السياسية و لكن بسبب قضايا و
اختلاسات و احتيال و ثأر عائلات ضحايا من العشرية السوداء , فيتخذ من المعارضة
مهنة و بطاقة لجوء سياسي و تجارة و غطاء.
الحاقدون و الحاسدون
هذا النوع
يمارس المعارضة لتصفية حسابات شخصية أو حسد من شخص أو صديق سابق له استفاد من نعم
النظام و ارتقى في الرتب أما هو "ما صحلوا والو" , فتجده يتساءل لماذا
هو و لست أنا , هذا النوع تجده من أشرس المعارضين و أكثرهم سبا و قذفا في النظام و
كأنه يقول للمتحكمين في السلطة "نحن هنا , تفكرونا شوية و سنسكت ! " , و الأمثلة من هذا النوع كثيرون
في النظام حاليا , و نجدهم منتشرين خاصة بين طبقة "المثقفين" , فيكفي أن
تعينه الدولة حتى كمدير لدار شباب أو سينما أو مكتبة بلدية, ليتحول فجأة الى حمل
وديع مطيع !
أغلبهم يعرف
أن السلطة تقوم بين الحين و الآخر بارسال "المصعد" و هم يكثرون من
الصراخ ليس دفاعا عن مصالح الشعب و لكن ليُفتح لهم باب المصعد و يصعدوا و يستمتعوا
كما استمتع و يستمتع الآن الكثير من زملائهم السابقين في المعارضة
الأرانب
و هؤلاء
"معارضون" تتم صناعتهم في مخابر السلطة , شخصيات و احزاب , يتم تقديمها
على أنها معارضة و تُسلط عليها الاضواء الاعلامية لاعطائها حجما أكبر منها و نفخها
أمام العامة و لاعطاء بعض "النكهة" و الحماس و المصداقية للسباقات
الانتخابية و تنتهي مهمتها مباشرة بعد نهاية الموعد الانتخابي بعد أن تقبض الثمن
مالا أو منصبا .
أخيرا , أغلب
من يدعون اليوم معارضة النظام ليسوا في الحقيقة الا جزءا من بنية هذا النظام و هم
يعرفون ذلك جيدا و راضون , هم في الحقيقة ليسوا بمعارضين و لكنهم مجرد
"معاريض" , دورهم الوحيد هو حضور الأعراس و الولائم و الرقص على أنغام
البندير و ... الدربوكة!
نُشر على موقع : الجزائر 24
(جميع الحقوق محفوظة)
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.