بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق
يقال و العهدة
على القائل , أن زمن الخلافة سيعود قريبا الى الجزائر , بعد أن غاب عنها لما يقارب
العقد من الزمن و ترك قلوبا كثيرة مجروحة و مشتاقة و جيوبا مليئة و أخرى مثقوبة و
مفلسة ... نعم , يمكن للخليفة العادل أن يتسبب في افلاس البعض, فهذا جزء من العدل
أيضا , فمهنته و وظيفته ليست فقط في ملأ الجيوب و لكنه أيضا يمكنه أن يتسبب في
فراغها و خراب بيوتها , فهو لا يستطيع أن يملأ جيبا أو حسابا بدون أن يقوم بافراغ
و افلاس أخرى , انها قاعدة علمية معروفة , فلا شيء يأتي من فراغ , و كل شيء يتحول
و ينتقل , بما فيها الجيوب و الحسابات و الفيلات و البطاقات البنكية !
الحقيقة هي
أنه و ككل الخلفاء , لديه الكثير ممن لا يتمنون عودته الى منصب الخلافة , ليس
لأنهم يكرهونه , حاشا لله , و لكن لأنهم يحبونه , أو على الأقل كانوا يحبونه و
كانوا من اشد أتباعه و من أفضل شيعته و حاشيته و قد كان يغدق عليهم بدون حساب
مقابل بعض الخدمات البسيطة فقط فهو لم يكن يطلب الكثير , كانت طلباته تتلخص في
مقال يمدحه على جريدة أو قصيدة أو برنامج تلفزيوني يتحدث عن فضائله أو تجمع شعبي
معارض أو تابع لسلطة الخلافة يتحدثون فيه عن عبقريته و كرمه و حسن تدبيره, فالرجل
لم تكن طلباته تعجيزية و قد كان يتكرم بقناطير من الذهب و الفضة على كل من يحقق له
بعضا من طلباته البسيطة و بالكثير من البطاقات الفضية و الذهبية و الماسية و رحلات
الى بلاد الجن و الملائكة و حتى السند و الهند , واقامات في قصور من ألف ليلة و
ليلة تتبعها سهرات و حفلات حمراء و وردية و بكل الألوان و ليال ملاح تدوم حتى بعد
أن يتوقف الديك من الصياح !
خصلة حميدة
كان معروفا بها الخليفة السابق في زمن الخلافة , و هي أنه و ككل الخلفاء , كانت
رعايته و كرمه و عطفه تشمل كل الرعية , فهو لم يفرق أبدا بين مؤيد أو معارض له ,
الجميع عنده سواسية في العطايا و المكرمات , سواء كانوا من أهل الحل و العقد أو من
المعارضين للخلافة و الخوارج و حتى من الجماعة "بتوع ربنا" , و لم يستثن
حنانه و عطفه الرعية و الرعاع , الجميع و بدون استثناء كان يطمع في كرمه , منهم من
استفاد و منهم من كان ينتظر , و منهم من أخذ "زومبة" و هؤلاء أغلبهم من
الرعية كان قد وعدهم بفوائد طائلة لأموالهم و "بما يرضي الله" , ان هم
قاموا بوضعها في "بيت المال" الذي أنشأه لهذا الغرض , و لكن شهادة لله ,
فغرضه كان شريفا و لكنها القاعدة العلمية التي تحدثنا عنها سابقا , ملأ جيوب
هو حتما افراغ لأخرى !
و ككل الخلفاء
أيضا , فقد تعرض بعد أن تمت ازاحته عن الخلافة لنكران الجميل من كل اللذين أغدق
عليهم من علية القوم و النخب الاعلامية و السياسية و الرياضية , الجميع يتبرأ منه
و يقول أنه لم يعرفه يوما و لم يستلم منه و لا قطعة ذهبية أو فضية واحدة , نفس
الأشخاص الذين كانوا يعلنون طقوس البيعة و الطاعة له على جرائدهم و قنواتهم و
نواديهم و تجعاتهم الشعبية و مؤتمراتهم , تحولوا اليوم الى "خوارج "
ينقضون البيعة السابقة و هم الذين كان "لحم كتافهم" من خيره و كرمه , و
كلما سمع أحدهم يتحدث عن الشرف و "النظافة" تذكر رؤوسهم و هي تنحني له و
عيونهم و هي تُجهش من الحب و الايمان بعد أن يستلموا "الهدية" ثم
يقول بالدارجة " يخدع اللي يامنكم يا طحاحنة " .
آخر الأخبار
تقول أن "الخليفة" السابق قد عاد الى البلد من بلد يُقال أنه تحكمه ملكة
لا يظلم عندها أحد و يجتمع على أرضها كل أتباع "الخلافة" و هي عادة تقوم
بتكوينهم و تمويلهم و اعادتهم لبلادهم لاقامة "الخلافة" بالتي هي "أخشن"
, و لكن عودة الخليفة السابق هذه المرة ليست لاستلام الخلافة الضائعة منه الى غير
رجعة , و لكن ليكون له دور جديد في الصراع الدائر بين الطامعين في الخلافة , منهم
من فرح كثيرا لعودته و منهم من أصابه مرض البواسير و منهم بدأ يفكر في مغادرة
السباق لمنصب الخلافة حتى ينفذ بجلده من قصص "ألف ليلة و ليلة" مع
الخليفة السابق , الخليفة السابق يعرف جيدا أنه ليس الا مجرد لعبة في سباق الخلافة
و سيحاول أن يخرج بأقل الأضرار و بأكبر المكاسب من هذه اللعبة و قد اقسم أنه
سيُغرق كل ناكري الجميل و هو يفكر حاليا في نوعية "الصفقة" التي سيعقدها
مع الجناح الأقوى , لأنه يعرف جيدا أن الجميع و بدون استثناء قد ذاقوا من
العسل !
نُشر على موقع , الجزائر 24
جميع الحقوق محفوظة
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.