Social Icons

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

jeudi 28 mars 2013

هارون و ابراهيم ...ضحايا المجتمع

 
تعودنا دائما على حملات الشجب و الإدانة و دروس الوعظ و الإرشاد و نداءات القصاص  بعد كل حادثة اختطاف و اغتصاب و قتل لأطفالنا , حملات ظرفية لا تلبث أن تختفي بعد أيام قليلة , ليعود المجرم لممارسة إجرامه , و يعود المنافق السياسي أو الديني لاستغلال مثل هذا النوع  الحوادث و المتاجرة بها ليزيد من أتباعه و مريديه , و يعود المواطن البسيط لممارسة سباته الاجتماعي و الفكري و السياسي المعتاد و هو يشعر بالرعب و انعدام الأمن و الأمان و يدعو الله أن تكون آخر جريمة تُرتكَب في حق أبرياء لا ذنب لهم.

لم يتساءل أحد عن سبب تلك الموجات من العنف الوحشي التي تظهر في مجتمعاتنا من حين لآخر و بصورة جماعية أو فردية و بأبشع الطرق و الوسائل التي لا يمكن للعقل  أن يتصورها , لماذا لا زالت مجتمعاتنا الوحيدة تقريبا على وجه الأرض التي تُمثّل بالجثث و هي تصرخ من النشوة و تأخذ الصور التذكارية أمامها ؟, لماذا هذا الانتشار الرهيب لجرائم الاغتصاب بحق الأطفال و القصر حدث البعض منها في أقدس مؤسساتنا , المدرسة و المسجد !! ؟ رغم أننا نحتل الريادة العالمية في صناعة و إنتاج و استهلاك خطب الأخلاق و المواعظ و الدعاة , لما كل هذه التناقضات الصارخة في مجتمعاتنا بين القول و الفعل ؟

أسئلة كثيرة يتجنب الكثير منا أن يتجرأ و يواجهها و يحاول الإجابة عنها , فالمرض عميق و معقد و يحتاج إلى "علاج بالصدمات" في مجتمعات ترفض أن ترى وجهها في المرآة , مجتمعات ترضع ثقافة العنف و الكره و الدموية منذ طفولتها بمسميات مختلفة دينية و سياسية , مجتمعات تنتشر فيها كل أنواع الرذيلة و بأدنى صورها الحيوانية في الخفاء , مجتمعات وجد فيها الكثير من المنحرفين و المرضى النفسيين "متنفسا" لهواياتهم تحت غطاء السياسة و الوطنية و الدين , تطالعنا الصحافة يوميا عن العشرات من هذا النوع من الحالات التي تجعل إبليس نفسه حائرا !

مفهوم الأخلاق عندنا له معنى يختلف تماما عما عرفته البشرية , الإنسان "الخلوق" و "الملتزم" في مجتمعاتنا هو فقط ذلك الشخص الذي لا يتوقف عن الحديث عن مكارم الأخلاق أمام الناس في كل مقام و مقال , لسبب أو بدون سبب , و مع التطور التكنولوجي أصبح أيضا ذلك الشخص الذي ينشر أكبر عدد ممكن من الأحاديث و الآيات على صفحته الاجتماعية و سيقول عنه قراؤه حينها أنه شخص "ماشاء الله عليه !" و لا أحد يهتم إن كان يمارس ما يقوله , المهم أن يُشبع في من يستمعون غريزة الاقتراب من الكمال ولو كان ذلك ...سمعا و قراءة! , فعلى عكس باقي الأمم , الناس عندنا صارت تحكم على غيرها بحاسة السمع و لا يهمها الفعل و المعاملة , مجتمعاتنا صارت تتنفس النفاق في شتى مجالات الحياة , هذا النفاق الذي سمح لوحوش بشرية أن تتغلغل في وسط المجتمع و تلبس عباءة الطهارة لتنهش ما تبقى فيه من براءة و طفولة !

ما يُلاحظ أيضا على بعض "التحليلات" الشعبية لظاهرة الموجات الإجرامية الحيوانية عندنا , تلك النظرة السطحية البدائية للتعقيدات الاجتماعية و الثقافية التي نعيشها, فالجواب عن أسباب الظاهرة ستجده حاضرا عند الجميع من الطفل الرضيع إلى الشيخ الطاعن في السن , سيقولون لك جميعا  أن سبب كل هذا هو ابتعادنا عن "ديننا" , هكذا و بكل بساطة ... ! , و المشكل هنا ليس في الدين و لكن في النظرة السطحية و البدائية لديننا الإسلامي , فأغلبهم تقتصر رؤيته للدين في تطبيق الحدود و فقط ! , بالنسبة لهم يكفي أن تقوم بتطبيق الحدود و تقطع الأيدي و الرؤوس و تغلف المرأة في جلباب , لنعيش في سلام و هناء و رخاء !

أزمتنا أزمة أخلاق بمفهومها الإنساني الواسع , الدين ليس الا عاملا مكمّلا لها , علينا أولا أن نستعيد إنسانيتنا و نرمي بكل مخلفات القرون الغابرة كما فعلت كل الأمم التي عرفت طريقها إلى التقدم .

ظاهرة اللاعقاب التي بدأت تصبح ثقافة اجتماعية متأصلة , زادتها سياسة الدولة المتراخية مع الناهبين و المجرمين و الارهابيين , و تلك الشطحات من بعض جمعيات حقوق الانسان لتوقيف تنفيذ أحكام في مجتمعاتنا التي لم تحل مشكلة الخبز و المياه و الاجرام بعد !
كيف يمكننا اقناع ذلك الشاب الذي يعاني البطالة و لا يجد في جيبه ثمن جريدة و هو يرى ارهابيا "تائبا" سابقا و قد تحول الى مستثمر يلعب بالملايير و لا أحد يجرؤ على محاسبته ؟؟ سيفعل ما فعله هذا "التائب" حتما و في أول فرصة !

فكرة "المصالحة الوطنية" و التي تم تحويرها عن هدفها الأصلي ساهمت و بدرجة كبيرة في زرع ثقافة اللامبالاة و اللاعقاب و دفعت الكثير الى المغامرة في عالم الاجرام و هم كلهم أمل أن يستفيدوا من "مصالحة" قادمة مع كل ما تحتويه من "تعويضات" و حماية , أو عفو رئاسي بمناسبة الأعياد الوطنية كالعادة , لا بد من التذكير أن أحد قتلة الطفلين هارون و إبراهيم كان من المستفيدين من العفو الرئاسي , جريمة أخرى راح ضحيتها منذ أيام صحفي بطعنة سكين من إرهابي "تائب" يبدو أن الحنين قد رجع به إلى الأيام الخوالي

لا بد أيضا من التذكير بما تشهده البلاد منذ سنوات من حملات نهب منظمة لخيرات الأمة الجزائرية صارت حديث العام و الخاص عالميا , كانت وراءها شخصيات سامية في الدولة و جعلت من عقلية النهب ثقافة شعبية بمبدأ "الرد بالمثل" !

مجتمعاتنا تعاني أزمة أخلاقية و انسانية حادة و المفاهيم اختلطت و الحلول المقترحة خادعة لن تزيد الأمور الا تعقيدا , علينا أولا أن نعترف بأمراضنا  فنصف الدواء هو معرفة الداء !  

بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق

(جميع الحقوق محفوظة)

1 commentaires:

  1. رائع رائع !!!
    بدون تعليق ، اظن انه يجب ان تفكر في التاليف ...
    -ليو

    RépondreSupprimer

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.

 

من نحن ...Qui sommes-nous?

هذا فضاء للتفكير الحر , بعيدا عن كل تعصب ايديولوجي , حزبي أو مذهبي. لسنا الا مجرد ملاحظين محايدين لحركية المجتمعات الجزائرية , المغاربية , و العربية...لا نتبع أي أحد

Un espace dédié à la libre pensée , loin de toute idéologie ou d’idées partisanes , nous ne sommes que des observateurs neutres de tous les mouvements de la société Algérienne , Maghrébine et arabe .

جميع الحقوق محفوظة