كثر الحديث هذه
الأيام عن بوادر "ربيع" جزائري و عن "زهور" بدأت تتفتح في جنوب
البلاد لتعلن عن بداية موسم الهجرة و الانفصال عن الشمال ,انتشرت على الشبكة مواقع و صفحات بعدد الأرواح التي تزهق في سوريا
و هي تدعو إلى "الثورة " , صفحات أغلبها يتم تسييره من الخارج و من
بلدان "الربيع" التي تريد "الخير" كعادتها للجزائر و تريد أن
تشاركها "نعمة" الهناء و الرخاء و الأمن الذي تعيشه منذ أن تحولت الى
محميات خليجية ...
لا أحد تساءل ربما
عن سر تزامن الضربة الإرهابية في ان أميناس على قاعدة سوناطراك البترولية , و
الضربة الإعلامية التي تتحدث عن فضائح سوناطراك ؟ لسنا هنا لنبرر الفساد المالي
المعروف في هذه "الشركة – الدولة" و لكن لماذا الضربتين في نفس الوقت ؟
هل الهدف هو فضح الفساد أم الهدف الحقيقي و المخفي هو ضرب شركة سوناطراك التي تعتبر واحدة من ركائز الأمة الجزائرية إضافة
إلى الجيش ؟ ألم يتساءل أحد عن سر إصرار أمير قطر في آخر زيارة له إلى الجزائر على
الاستثمار في ...الجنوب الجزائري و بملايير الدولارات و الكل يعرف نوعية
"استثمارات" هذا الرجل في العالم العربي ,و اسألوا سوريا و مصر و تونس
فهم أعلم ؟؟ ألم يتساءل البعض عن الحرب العالمية لأسواق الغاز للسيطرة على السوق
الأوروبية و التي تريد أن تدخلها قطر و لكنها ترى في الجزائر و سوناطراك خاصة
منافسا لها في أوروبا ؟؟ ثم لماذا الآن فقط تظهر كل هذه الفضائح التي يعود اغلبها إلى
سنوات لتطفو للسطح فجأة مباشرة بعد موقعة تيغنتوين ؟ هل الذين يقومون بهذه
التسريبات للصحافة و في هذا الوقت بالذات دفعتهم غيرتهم على الوطن و على أمواله و
على شعبه أم هي تصفية حسابات ؟
المعروف أن الدولة
الجزائرية مبنية على ركيزتين , الجيش بفرعه المخابراتي و شركة سوناطراك , و أي
محاولة لإسقاط الدولة يجب أولا أن تبدأ بإسقاط إحدى هاتين الركيزتين أو كلتاهما في
نفس الوقت , و عملية ان أميناس و "حملة" الفضائح المالية التي بدأت
تُسرب هذه الأيام تسير نحو هذا الهدف , و الأخطر في كل هذا هو في إمكانية انجرار
بعض فئات الشعب نحو هذا "الحق" الذي يُراد به باطل و خروجه بحثا عن
"الربيع" على الطريقة العربية !! و خير دليل على ذلك ظهور بعض النداءات لانفصال
الجنوب الجزائري عن الوطن , حركات تحدث ضجيجا إعلاميا كبيرا رغم انعدام أي قاعدة
شعبية لها , و لكن التجربة أثبتت أن الإعلام الخليجي المعادي للجزائر مبدئيا ,
يمكنه أن يصنع لك من بضع عشرات من "الناشطين" ...مليونية , و من تدخل
بسيط لأفراد الشرطة ...مجزرة , و من إرهابي ...مناضلا في حقوق الإنسان !!
الجزائر التي عرفت
أقوى هجمة إرهابية منظمة و ممولة في
التاريخ (مع سوريا) في تسعينات القرن الماضي و استطاعت أن تكسر شوكتها و تبيدها ,
لازالت تواجه أخطارا تهدد أمنها و مصالحها , الجزائر هي آخر نظام جمهوري في منطقة
شمال إفريقيا و الشرق الأوسط لم يتعرض بعد لفوضى و دمار "الربيع العربي"
و استطاع أن يصمد أمامه , عليه أن ينظر بعين الجد و الحذر الى تهديدات من نوع آخر
يمكننا أن نختصرها في النقاط الآتية :
-
الإرهاب الدولي :
في عالمنا اليوم , الإرهاب لم يعد مقتصرا على دولة
بعينها , فقد تحول الى تهديد عالمي يمكن له أن يضرب في أي مكان , و الحالة الجزائرية
أكثر تعقيدا و خاصة في جنوب البلاد و تلك التحالفات التي حدثت بين مافيا تهريب
المخدرات و السلاح و المارلبورو و جماعات القاعدة , حتى أنه لا يمكن الفصل بينها ,
هذه الجماعات يمكنها أن تشكل تهديدا خطيرا جدا على أمن البلاد و على اقتصادها و
قواعدها البترولية , و ردة الفعل الشرسة و القوية للجيش الجزائري في حادثة ان
اميناس كانت أحسن رد لهذا النوع من الجماعات الدموية , الضرب بيد من حديد و نار و
بدون رحمة , و بمبدأ " يمكنك أن تُحدث ضررا و لكن تأكد أنك لن تنجو بجلدك
"
جانب آخر يجب الانتباه إليه أيضا و قد تحدثنا عنه
بالتفصيل في مقالات سابقة, و هو ضرورة العمل على تجفيف منابع الإرهاب الفكرية و
المالية .
-
الفساد
لا أحد ينكر درجة الفساد المالي و فضائح الرشاوى التي ما
فتئت تنخر أجهزة الدولة و التي أصبحت "الرياضة الشعبية"الأولى, جميعنا ننادي بمعاقبة
كل من تثبت ادانته بهذا النوع من الجرائم بحق الشعوب من ابسط مواطن الى أعلى اطار
أو وزير , على الشعب أن يواصل نضاله السلمي للضغط على الدولة لكشف هؤلاء المجرمين و فضحهم و ملاحقتهم و تقديمهم
للعدالة , نريدها أن تصبح ثقافة و تقاليد مجتمعية عفوية و ليست "موسمية"
و ضربات تحت الحزام و تصفية حسابات سلطوية كما يحدث دائما عند اقتراب الانتخابات
الرئاسية أو خبطات صحفية و مؤامرات خارجية تهدف إلى جر المواطن إلى متاهات سيكون الوحيد
الذي سيدفع ثمنها , الشيء الأكيد أن الذي قام بتسريب فضائح سوناطراك ليس بريئا أو أكثر
"نظافة" من الذين يريد فضحهم ...
-
الحركات الانفصالية
أخطر تهديد للأمة الجزائرية في الوقت الحالي هو تلك
الدعوات الغريبة و الشاذة التي بدأت تظهر في بعض المناطق و التي تنادي بالانفصال
عن الوطن الأم , وطن دفع الملايين من الشهداء ليحقق وحدته , ليظهر بعض المغامرين و
الباحثين عن الشهرة و الذين لا يخفى على أحد علاقاتهم السرية مع بعض الأطراف
الأجنبية من جهة و الإرهاب من جهة أخرى , شرذمة من الخونة ضخمتهم صفحات المواقع
الاجتماعية و اليوتوب و الأموال الخليجية و جعلت منهم مدافعين عن حقوق البطالين
, يتزعمهم نادل مقهى سابق يقول أنه بطّال و علامات الترف بادية عليه, و محاولتهم
اختراق منظمات شبابية في جنوب الجزائر مدافعة عن حقوق البطالين و تحويل مطالبها إلى
حركة انفصالية خطيرة ستهدد أمن البلاد عامة و الجنوب الجزائري خاصة .
أول حركة من هذا النوع ظهرت في منطقة القبائل و كان
يتزعمها المدعو فرحات مهني الذي يبدو أن إقامته الطويلة و الدائمة في فرنسا قد أنسته
العقلية الأمازيغية القبائلية التي لا ترى بُعدها في منطقة القبائل فقط بل تمتد إلى
كل الجزائر , فالقبائلي العادي يرى أن كل الجزائر أمازيغية و ليست ولاية أو
ولايتين فقط , و لم يدفع بمئات الآلاف من الشهداء لتحرير منطقته فقط و لكن لتحرير
كل الجزائر , فآخر مسيرة لهذه الحركة في عاصمة منطقة القبائل بمدينة تيزي وزو لم يتمكن فيها من جمع الا بضع عشرات اغلبهم أتى
بهم الفضول أو للسخرية !! .
فشل مخطط الانفصال في منطقة القبائل , جعل المتآمرين
يغيرون وجهتهم نحو الجنوب باستغلال ظروف الشباب الصعبة في صحراء الجزائر , و الخطر
يكمن في ذلك التحالف المعروف بين حركة " شباب الصحراء" الانفصالية و الإرهاب
, يجب أيضا الانتباه إلى تلك العلاقة التي اكتشفتها مصالح الأمن بين احد أفراد هذه
المجموعة و جماعة ابو زيد الإرهابية و الذي قام بإنشاء شركة كبرى لتأجير السيارات
...لسوناطراك !
الحديث سيطول عن المخاطر المحدقة بالوطن في هذا الظرف
الذي تميزه الاضطرابات و التحالفات التي قامت بين بعض دول الربيع و الإرهاب , فقد أصبح
للإرهاب "دول" و حكومات تأويه في المنطقة و تخلق له قواعد خلفية على
أراضيها لضرب الجزائر .
أدعو كل الجزائريين إلى الحذر ثم الحذر و التعامل بحكمة
و ذكاء مع كل المستجدات لعدم الوقوع في الهاوية مرة أخرى , نعم للمطالبة بالحقوق و
لكن لا أحد سيقبل بتخريب البلد و عودة أنهار الدماء مرة أخرى , لا نريد لأولادنا
أن يعيشوا عشرية سوداء ثانية ستكون الضربة القاضية و القاصمة لبلد اسمه الجزائر .
(جميع الحقوق محفوظة)
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.