بقلم : نايت الصغير عبد الرزاق .
كنت أتساءل في
الماضي إن كانوا حقا يعيشون وسط شعبهم أو على الأقل يقاسمونه نفس الأرض و نفس
الوطن و إن كانوا ينظرون إلى الرعية من فوق أبراجهم العاجية العالية من حين لآخر ,
فالمنطق يقول أنهم سيضطرون في بعض الأحيان إلى فتح نوافذ قصورهم للنظر إلى
"الأسفل" إذا تعالت الصرخات ليعرفوا من هؤلاء "قليلي الأدب"
الذين تجرؤوا و حاولوا أن يفسدوا عليهم حياتهم الهادئة و يخيفوا حيواناتهم الأليفة
المطيعة !
كانت هذه هي
تساؤلاتي سابقا, هل حكامنا و حاشيتهم يعيشون معنا في الجزائر ؟ و لم أكن يوما
أتصور أن هذا التساؤل سيتطور و يزداد تعقيدا كما هو عليه اليوم , صرت الآن أشك أنهم
يعيشون معنا ...على كوكب الأرض !!
منطقيا , إن
افترضنا مثلا أنهم قد قطعوا حبل الوصال مع بلدهم و لم يعودوا يتذكرونه إلا في
أوقات اقتسام الغنائم و المناقصات الدولية خاصة لأن الوطنية منها لم تعد تهمهم ,
فهم على الأقل يعيشون معنا على نفس الكوكب و يرون بأعينهم و "جيوبهم" ما
الذي يحدث حولهم من حركية و تطور عند باقي الأمم و يتعلموا منهم و يفيدوا أنفسهم
أولا كعادتهم ثم و بدون أن يشعروا سينتقل بعض فُتاتهم إلى بلدانهم كما يحدث في
الكثير من بلدان العالم الثالث ...لا شيء من هذا حدث , همهم الوحيد هو ملأ بطونهم و
جيوبهم , أما أن ينظروا حولهم و يتأثروا لعل و عسى فذلك يعتبر من المستحيلات السبع
على كوكبهم !
حكامنا و وزراؤنا
فضائيون , لا يعيشون على كوكب الأرض و لا يعلمون شيئا عنه و لا يعرفون لحد الآن ما
الذي يحدث حولهم و الأكيد أن الكوكب البعيد الذي يقطنونه متخلف جدا و لايزال في مرحلة
الحمام الزاجل و لا علاقة لهم
بالتكنولوجيا الحديثة و وسائل الاعلام و الاتصال التي ربما يعتبرونها ضربا من ضروب
السحر و الشعوذة !
في وقت أصبحت فيه
وسائل الإعلام بمختلف فروعها سلاحا تستعمله الأمم "الأرضية" للدفاع عن
أمنها و لشن حروب هجومية على غيرها , لازال وزيرنا "الفضائي" للإعلام
يتفلسف كسابقه و يجعل لنا من الحبة قبة و يصور لنا قانون الاعلام الذي لن تتعدى
كتابته بعض الصفحات و كأنه علم فضائي صعب المراس و يحتاج الى سنوات ضوئية طويلة
ليخرج علينا به ! , منذ أكثر من
سنتين , و عندما قرر رئيس الكوكب أن يبدأ بحزمة من الإصلاحات , كان قانون فتح الإعلام
السمعي و البصري من أهم القوانين التي وعدونا بها و لازلنا ننتظر , و لكن العيب
فينا و ليس فيهم , كان علينا أن ننتبه إلى مقياس الزمن عندهم , فهو مختلف جدا على
ما هو عليه على كوكب الأرض , فهم عندما يتحدثون عن السنوات, يقصدون السنوات
...الضوئية !
كارثة و فضيحة
أخرى تضرب قطاعا مهما جدا في عصر الثورة التكنولوجيا الرقمية , قضية إطلاق رخصة
الجيل الثالث من الهاتف النقال (3G) , الوزير
"الفضائي" الذي أخذ على عاتقه بعث هذا القطاع و منح الرخصة قبل نهاية
شهر مارس من سنة ...2013 فضائية ! , يبدو أننا لم نستوعب
بعد و لم نفهم وزيرنا في مقياسه الفضائي للزمن .
و لأن الزمن أسرع
على كوكبنا الأرضي , فقد انتقلت الأمم من ال 3G الى 3G+ و أغلبها الآن تستعد
لل 4G
, و بعد إطلاق الخدمة في التشاد و الصومال منذ بضعة أشهر , لا
زلنا ننتظر لحد الآن وصول وزيرنا و نزوله من مركبته الفضائية .
علينا ألا نكون
متشائمين لهذه الدرجة و من الواجب أيضا أن نكون منصفين لحكامنا الفضائيين , شهادة
لله , يحدث لهم من الحين و الآخر أن ينزلوا إلى كوكبنا و بالتحديد إلى بلدهم
الأصلي المسمى الجزائر حينما يتعلق الأمر بقطاع البترول و الغاز و سوناطراك ,
حينها تجدهم يتحولون الى أرضيين أقحاح و يضبطون حتى ساعاتهم على التوقيت الأرضي
...أو أسرع !
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.